أرشيفات الوسوم: مقالات

8 مارس يوم للمرأة في العالم .. عليها في مصر

توقف العالم أجمع أمام الثامن من مارس ،ذلك اليوم الذي يحتفل فيه سكان كوكب الأرض بإنجازات المرأة في شتى مناحي الحياة ،تفوقت المرأة فى كل بقاع الدنيا سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وفنياً ورياضياً وثقافياً.

إلا أن السلطات المصرية لم تتوقف عن سحلهن والتحرش بهن والتضييق عليهن ،وباتت المرأة المصرية إما معتقلة أو شهيدة ،أو أم أو أخت أو إبنة لمعتقل أوشهيد.
متابعة قراءة 8 مارس يوم للمرأة في العالم .. عليها في مصر

الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر

لم تكن مثل باقي البنات التي تكتظ بهم قاعة العرس الذي لبى دعوة حضوره في اللحظات الأخيرة ،إجتذبت عيناه من دون سابق إنذار وأخذ يتتبع خطاها من دون أن تلحظ نظراته ،كانت رائعة في فستانها الأخضر هكذا كان يقول على الرغم من أنه لا يذوب عشقاً في هذا اللون إلا أن إرتادئها له جعل منه لوناً محبباً إلى قلبه ،سهر الليالي حالماً في صورتها التي حفرها في خياله وعلى الرغم من هذا لم يسعى إطلاقاً لمصارحتها بما يجول في خاطره من ناحيتها وظل محتفظاً بتلك المشاعر الجياشة في أعماق أعماق قلبه .

متابعة قراءة الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر

السكر فيه سم قاتل

بعدما لاحظ  المقربون مني أعراض مرض السكر عليَ، قاموا  بنصيحتي بأن أذهب إلى طبيب متخصص في مرض السكر. ربما ما دفعهم إلى هذا إقامتي شبه الدائمة في الحمام وكان إرتباطي بالحمام في تلك الفترة أكثر بكثير من إرتباطي بغرفة نومي الأمر الذي دفعني للتفكير في إبتكار حمام محمول حتى أستطيع اللجوء إليه في كل وقت وأي مكان أثناء وجودي خارج المنزل.

وبعد مماطلات عديدة مني لكرهي الشديد لزيارة الأطباء تكررت نفس الدعوة من أصدقائي بضرورة الذهاب لطبيب متخصص في مرض السكر. بدأ الشك يقتلني بحثاً وراء السبب فى دعوتهم تلك هل هي لشربي كميات كبيرة من الماء وخوفاً منهم من أن أجور على أنصبتهم في مياه النيل؟

متابعة قراءة السكر فيه سم قاتل

تحدي جردل الوحل

ليل نهار تُدَك غزة بقنابل جيش الإِحتلال الصهيوني ،يَبكيها العرب ويرفعون أكُف التضرع والدعاء إلى الله أن ينصر المقاومة كما إِعتادوا أن يفعلوا مُنذ إِحتلال فلسطين في أربعينيات القرن الماضي ،إلا أن هذا العام ظهر نوع جديد من العرب وحتى أكون دقيقاً هو نوع جديد من المصريين الذين يتراقصون مع كل غارة صهيونية ويصفقون مع سقوط الجرحى وإرتقاء الشهداء الفلسطينيين فرحين بإنتصار الصهاينة وهذا على الرغم من أنهم ليسوا من أبناء جِلدتهم ولا هم على نفس ديانتهم إلا أَنهم سلموا آذانهم وأعينهم وعقولهم إلى الإِعلام التابع لمخابرات جيش كامب ديفيد وكانت نتيجة تسليمهم لهذا الإعلام تغييبهم وتغيير معتقداتهم وسحق مبادئهم وإنتماءاتهم فبعد أن قر في وجدانهم وعقولهم على مدار عقود طويلة قول الرسول صلى الله عليه وسلم “مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” تبدلت المعتقدات وأصبح ما يقر في عقولهم “أن مثل المسلمين كالأجساد المتناحرة إذا إشتكى إحداهم رقص الآخرون طرباً وفرحاً فيما أصاب الجسد الآخر” ،ولم لا يؤثر فيهم هذا الإعلام وهو من أقنعهم بوجود أسلحة نووية في إعتصام رابعة العدوية ،كما أقنعهم بوجود كرة أرضية أسفل أرضها وكذا أقنعهم بتخابر الدمية أبلة فاهيتا وسعيها لإسقاط البلاد وها هو على وشك إقناعهم بأن توم وجيري إخوة وليسوا أعداء وأن عدائهم في مسلسل الكارتون المشهور ما هي إلا خدعة مخابراتية لإسقاط مصر وجيشها. خلاصة القول أنه لا التعاطف مع غزة بالبكاء والدعاء يزيد المقاومة مقدار أنملة ويرفع عن العرب الحرج ،ولا الشماتة والرقص على أصوات القنابل الصهيونية سينتقص من المقاومة شيئاً يذكر ،أما على المستوى الدولي ومع التعاطف المذهل للشعوب الغربية ونجوم العالم في شتى المجالات مع مرضى “التصلب العصبي” من خلال تحدي “جردل الثلج” ربما نجد أنه من الواجب على جميع شعوب هذا الكوكب أن لا تدير وجوهها للقتل والدمار الحاصل بفلسطين فشهداء ترتقي من مختلف الأعمار من الجنسين بلا رحمة ولا شفقة والأجدر بتلك الشعوب وبهؤلاء النجوم أن يتعاطوا مع تلك القضية ولو بتحدي “كنكة الدم” .. أما شعوبنا العربية ونجومنا العرب من محبي التقليد الأعمى فالتعاطف مع الشعب الفلسطيني لا يقل أبداً عن التعاطف مع مرضى التصلب العصبي ،وعلى ما يبدو أن إستمرار تجاهل القتل والدمار في فلسطين وفرحة بعضنا بما يحدث لإخواننا هناك يدعونا جميعاً كعرب أن نتسابق سوياً من أجل شهداء فلسطين ومصابيها في “تحدي جردل الوحل” .

شخابيط قلم ثائر

إلى كل من أشبع آذننا قولاً بأن مصر ليست كغيرها من البلدان وحاول وأد ثورتنا في مهدها تحت دعوى أنه لن تقوم ثورة هنا ،وأن الثورة ليست الوسيلة المثلى للتغيير … إلى كل من حاول كسر إرادتنا بتكرار قولة أن المظاهرات والإعتصامات لن تستطيع إجبار مبارك على التخلي عن حكم البلاد رغماً عن أنفه … إلى كل من بغبغ ليل نهار عبر آلة الإعلام المخابراتية قائلاً إن هذا الشعب لن يصلح معه سوى رئيس عسكري وأن وصول مدني لكرسي الحكم في البلاد هو درب من دروب الخيال … إلى كل من دافع عن العسكر تحت دعاوى حمايتهم للثورة وعدم سعيهم للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد بل وأتهمنا بالعمالة تارة وبالبلطجة تارة أخرى لهتافاتنا في الميادين “يسقط يسقط حكم العسكر” … إلى كل من إعتبر نصحنا له كراهية وحرصنا على عدم ضياع مكتسبات الثورة إندفاع شباب وعدم خبرة وحينما حاولنا مخلصين مساعدته في تصحيح مساره المعوج كان رده الوحيد أن موتوا بغيظكم وكانت أنشودته المفضلة “7 سنين ومكملين” لم يُكتب له منها ولو فيمتو ثانية واحدة .

إلى جميع من سبق ذكرهم: نُسمعكم ولو صُمت آذانكم ،لم تمت الثورة بعد ولن تموت ،ولم ولن يستطيع كائناً من كان أن يطوعها لخدمة رغباته وتطلعاته ،قد نكون قد خسرنا جولة من الجولات إلا أن معركتنا على العيش والحرية والكرامة والتحرر من التبعية لم تنتهي بعد فلن تركع الثورة للبيادة العسكرية ولن تسجد لمن تاجر بالدين ولن تبيع نفسها في سوق النخاسة لمن يدفع أكثر من أرباب الفساد … إن ثورة الخامس والعشرين من يناير هي أفضل وأطهر وأنقى حدث مر على الدولة المصرية عبر تاريخها الطويل ، أفضل من السبعة آلاف سنة حجارة التي يتشدق بها المفلسون حضارياً .. أفضل من سد عالي عبد الناصر ،ومن إنفتاح السادات ،ومن كباري مبارك ،ومن خرم السيسي.

الثورة نور لن يطفأه فاسد ،فلتنتظروا موجة ثورية جديدة لن تبقي ولن تذر ،موجة ثورية لن تتراقص على نغمات نانسي عجرم “فتطبطب وتدلع” ،موجة ثورية ستستدعي روح الراحل العظيم روبسبير وتجتث رقاب الفسدة دون رحمة أو شفقة ،فقد تبين للثورة الصديق من العدو ،تبين لها من يستحق أن تمد إليه يداها وتدعمه ومن لا يستحق سوى أن تسحقه تحت قدميها .

إن الثورة وعد من الله لعباده المقهورين في الأرض على أيدي شياطين الإنس … إن الثورة دَينٌ في رقاب الأحرار حتى قيام الساعة لمن قدموا أرواحهم فداء للحرية والكرامة … إن الثورة حلم يداعب قلوب وعقول الأحرار ،كابوساً يؤرق مضاجع الطغاة … إن الثورة تقرباً من الإله … فكن ثائراً

كن ثائراً … فإن الأنبياء جميعهم ثوار 

كن ثائراً … مستمسكاً بعروة الأحرار

فالمجد كل المجد لشهيد ثورة أضحى مع الأبرار  

والعار كل العار لعدوها تعسُ لا يملك من أمره قرار

شخابيط قلم ثائر

قناة السويس بين السيادة المصرية والتبعية الغربية (5)

بعد أن تناولنا في المقالات السابقة المعاهدات التي تمنع مصر من المشاركة في العداون على أي دولة عربية من خلال السماح للسفن الحربية المعتدية عبر قناة السويس إلتزاماً بإتفاقية الدفاع العربي المشترك وعدم جدوى الإرتكان إلى معاهدة القسطنطينية للظروف التي سبق وأن حللناها نتناول في هذا المقال مدى مشروعية المشاركة في العداون على أي دولة عربية كانت أم أجنبية سواء كانت هذه المشاركة عن طريق مباشر أو عن طريق تسهيل العدوان بشكل غير مباشر كتيسير حركة السفن الحربية عبر القناة .

بداية نلقي الضوء حول محاولات عصبة الأمم تجنيب العالم ويلات الحروب والكوارث التى شهدها قبل إنشائها وبالتالى كان من الطبيعى فرض القيود على شن الحروب وصولاً إلى تحقيق السلام للبشرية. وقد ميز العهد بين نوعين من الحروب، الحروب المشروعة والحروب العدوانية غير المشروعة.

والحروب المشروعة بمقتضى عهد عصبة الأمم كانت فى الحالات الآتية :

1-  لجوء الدولة إلى الحرب بغية فض نزاع دولى تكون طرفاً فيه بعد عرض هذا النزاع على التحكيم أو القضاء أو مجلس العصبة أو مرور ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار الهيئة التحكيمية أو حكم القضاء أو تقرير مجلس العصبة بشرط أن يكون الطرف الأخير للنزاع قد رفض الانصياع لقرار هيئة التحكيم أو الحكم القضائى أو لتقرير  مجلس العصبة.

2-  لجوء الدولة إلى الحرب بغية حسم نزاع دولى تكون طرفاً فيه متى قبلت عرض الأمر على مجلس العصبة، وذلك كلما عجز ذلك الأخير عن اتخاذ قراره فى هذا الشأن بإجماع الآراء، بشرط أن تلتزم الدول فى هذه الحالة بعدم اللجوء إلى الحرب قبل مضى ثلاث أشهر من صدور قرار الأغلبية.

3-  لجوء الدولة إلى الحرب  بغية حسم نزاع تكون طرفاً فيه متى تعلق ذلك النزاع بمسألة تندرج فى صميم السلطات الداخلى لتلك الدولة، وقد استغلت الدول الاستعمارية هذا النص من أجل قمع حركات التحرر الوطنية داخل مستعمراتها حيث كانت تتمسك بقيد السلطات الداخلى بغية تبرير عدم اختصاص العصبة بنظر تلك المنازعات.

4-  حالة الحرب الدفاعية وهو ما يستنتج بمفهوم المخالفة من نص المادة العاشرة من العهد والخاصة بحظر العدوان، ذلك أن الحرب الدفاعية ترتبط بالحق الطبيعى للدول فى استخدام القوة المسلحة بغية رد كل عدوان قد تقع ضحية له.

5-  لجوء الدول إلى أعمال الانتقام العسكرى التى لم يلحقها الخطر الصريح بمقتضى عهد عصبة الأمم.

أما الحروب غير المشروعة :يذهب العهد إلى أنها تلك التى يتم اللجوء إليها قبل استنفاذ وسائل التسوية السلمية للمنازعات الدولية وقد تم تحديدها فى ثلاث حالات :

1-  التجاء الدولة إلى الحرب بغية حسم أى نزاع دولى قد تكون طرفاً فيه قبل عرض ذلك النزاع على التحكيم أو القضاء أو مجلس العصبة.

2-  لجوء الدولة إلى الحرب بعض عرض النزاع للفصل فيه بإحدى هذه الطرق ولكن قبل مضى ثلاثة أشهر من تاريخ صدور التحكيم أو الحكم القضائى أو تعزيز مجلس العصبة الذى يصدر بالإجماع.

3-  لجوء الدول للحرب بغية حسم أى نزاع دولى تكون هي أحد أطرافه كلما قبل الطرف الآخر للنزاع قرار التحكيم أو الحكم القضائى أو التزام بقرار المجلس الصادر بالإجماع ولو بعد مضى ميعاد الثلاث أشهر المتقدم.

وقد اشتمل عهد العصبة فى مادته رقم “10” على مصطلح العدوان لأول مرة ويرى البعض أن نص المادة يضع معياراً موضوعياً للعدوان وهو أن كل ما من شأنه المساس بالسلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسى للدول الأعضاء يعتبر عملاً غير مشروع يستوجب تدخل مجلس العصبة لمنع وقوع العدوان أو لردعه فى حالة وقوعه، وجاء النص على النحو التالى “يتعهد أعضاء العصبة باحترام أقاليم جميع أعضاء العصبة واستقلالها السياسى القائم والمحافظة عليها ضد أى عدوان خارجى وفى حالة وقوع عدوان من هذا النوع يشير المجلس بالوسائل التى يتم بها تنفيذ هذا الالتزام”.

والملاحظ فى ذلك أن مفهوم الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة لم يكن بالقدر الكافى لمنع نشوب الحرب لأنه من ناحية لم يربط مفهوم العدوان (الحرب غير المشروعة) بمفهوم المساس أو تعديل الأوضاع الإقليمية لأن معنى هذا المساس أو التعديل كان مباحاً حتى بواسطة استخدام القوة “اللجوء للحرب” وذلك بعد اتباع الإجراءات المشار إليها فى المواد من 12 حتى 15 من العهد.

ومن ناحية ثانية هشاشة الفروق بين الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة استناداً إلى الإجراءات السابق بيانها لاسيما أن العهد ألزم الدول الأعضاء باتخاذ تدابير جزائية وفرض عقوبات على الدول التى تلجأ إلى شن الحروب العدوانية فى الوقت الذى أعطى فيه كل دولة مطلق الحرية لتقدير ما إذا كان ما تم ارتكابه يعد عدوان أم لا ولذلك كان من الطبيعى أن تختلف الدول وتصدر قرارات متباينة بصدد الفعل الواحد وذلك تبعاً لما تقتضيه ظروفها السياسية لذلك فإن التطبيق العملى لنصوص عهد عصبة الأمم لم يكن كافياً لحظر العدوان وتحريمه ولم تكن المحاولات التالية كافية لمواجهة الحرب والعدوان مثل مشروع المساعدة المتبادلة وبروتوكول جنيف وميثاق باريس وانتهت كل هذه الجهود بالفشل وقامت الحرب العالمية الثانية .

نشبت الحرب العالمية الثانية شهدت البشرية أهوالاً ومصائب وراح ضحيتها ملايين البشر والضحايا ما بين قتيل وجريح ومعاق وأسير فضلاً عن الخسائر المادية الجسيمة التى أنفقت على الحرب ولعل الفائدة الوحيدة هى محاولة إنشاء تنظيم دولى جديد يكون أكثر قوة ويحل محل عصبة الأمم التى انتهت فعلياً بقيام الحرب العالمية الثانية.

وقد حاول واضعوا ميثاق الأمم المتحدة تلافى عيوب التنظيم السابق وعورات عهده لذلك كان أهم أهداف الميثاق والتنظيم الجديد هو وضع الضوابط الكفيلة بالقضاء تماماً على مبدأ استخدام القوة وبالتالى حظر العدوان ومنعه نهائياً على أمل أن تنعم البشرية بالسلام والأمن [وقد كانت أول إشارة إلى هذا المبدأ العام وإلى نظام دائم للسلام فى – تصريح الأطلسى – الذى أصدره الرئيس الأمريكى روزفيلت ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل فى 14/8/1941] الذى انضمت إليه فيما بعد – 47 دولة – جاء فيه (يتعين على شعوب العالم جميعاً أن تنبذ لأسباب روحية وواقعية استخدام القوة بشكل نهائى).

–  ثم وردت أول إشارة إلى اسم الأمم المتحدة فى تصريح الأمم المتحدة الصادر فى أول يناير 1942 والذى أعلن فيه ممثلو ست وعشرين دولة فى واشنطن نصاً مشتركاً أكدوا فيه إيمانهم بالمبادئ التى قررها تصريح الأطلسى.

–  فى 20/10/1943 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتى والصين –تصريح موسكو- والذى طالبت فيه بضرورة التعجيل بإنشاء هيئة عالمية تقوم على أساس المساواة فى السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام.

–       ثم بدأت مباحثات دومبارتون أوكس فى واشنطن عام 1944 بدقة مشروع إنشاء الهيئة الدولية الجديدة.

–  وفى 25/2/1945 اجتمع روزفيلت وتشرشل وستالين فى مؤتمر يالتا بالاتحاد السوفيتى لبحث أهم الثغرات التى كانت قائمة فى اقتراحات دومبارتون أوكس.

–  ثم وجهت الدعوة لحضور مؤتمر سان فرانسيسكو فى 25/4/1945 وقد ضم هذا المؤتمر خمسين دولة واستمرت اجتماعاته حتى 26 يونيو 1945، حيث تم التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة (الذى دخل دور التنفيذ فى 24/10/1945) وقد جاء الميثاق متضمناً مبدأ حذر استخدام القوة فى العلاقات الدولية وهو المبدأ الذى يستهدف أساساً منع العداوات والحيلولة دون وقوعها أو ارتكابها تحت أى مسمى، ويلاحظ ذلك فى مقدمة الميثاق التى جاء بها : “نحن شعوب الأمم المتحدة قد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب التى جرت مرتين فى حياتنا وجلبت على الإنسانية أحزاناً يعجز عنها الوصف ….. نؤكد مجدداً .. اعتزامنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معاً فى سلام وحسن جوار وأن نوحد قوانا من أجل صون السلام والأمن الدوليين وأن نضمن قبولنا  للمبادئ والأساليب اللازمة لها بعدم استخدام القوة فى غير الصالح العام..).

وتمت الإشارة لهذا المبدأ بصورة قاطعة وجازمة فى المادة – 2/4 – من الميثاق والتى تنص على : “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأية دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق وممارسات الأمم المتحدة”.

وهكذا جاءت باقى نصوص الميثاق واعتبرت خطوة أساسية وتقدمية فى سبيل الحد من الحروب حيث أن الميثاق لم يفرق بين الحروب العدوانية وغير العدوانية فحرمها جميعاً فكل حرب فى حكمه محظورة سواءً كانت حرب اعتداء تستهدف الحصول على مزايا ومنافع أو كانت وسيلة لحسم نزاع لم يستطع أطرافه التوصل إلى تسويته بالطرق السلمية. وتتميز صياغة المادة 2/4 بأن الحظر لم ينصرف فقط إلى استخدام القوة وإنما يمتد ليشمل – مجرد التهديد باستخدامها – كقيام دولة بحشد قواتها ووضعها دون مبرر على حدود دولة أخرى بغية إجبار هذه الدولة على تنفيذ مطلب معين.

كما أن المادة تجاوزت الثغرة التقليدية الخاصة بعدم تطابق مفهومى حظر اللجوء إلى الحرب – الحرب – واللجوء إلى – القوة – وهو مصطلح هنا يتجاوز حالة الحرب بمعناها الفنى الدقيق مثل اعلان الحرب كما كان يشترط القانون الدولى التقليدى.

كما تميز الميثاق بأن حظر استخدام القوة يشمل الأعضاء وغير الأعضاء وذلك حتى لا يسمح للدول غير الأعضاء بالتهرب من تنفيذ أحكام الميثاق وإطلاق يدها فى استخدام القوة.

ويحسب كذلك للميثاق أنه أدرك أن مواجهة العدوان لا تبدأ بمجرد اقتراف هذا الفعل وإنما تسبق وقوعه بهدف الحيلولة دون ارتكابه.

وهو ما يعنى أن على المجتمع الدولى واجب مواجهة الحرب وجريمة العدوان طالما كانت خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

لأن الأمم المتحدة دأبت منذ مولدها حتى اليوم على ضرورة منع استخدام القوة أو التهديد بها وسايرتها فى ذلك المنظمات الإقليمية، الأمر الذى سار معه تحريم استخدام القوة مبدأ من مبادئ القانون الدولى، فميثاق الأمم المتحدة هو قانون الجماعة الدولية واستناداً إلى هذا الميثاق فإن الخروج عليه هو خروج على الجماعة الدولية مما يوجب مواجهته.

الأمر الذى يجعل من قيام مصر بعدم التصريح ومنع مرور السفن الحربية الصهيونية واجباً والتزاماً دولياً طالما أنه لم يصدر بهذه الحرب قراراً من مجلس الأمن والأمم المتحدة مما يُعد سماح مصر بمرور تلك القطع الحربية خطاً واضح وصريح  فى تطبيق الالتزامات والإتفاقات العربية والدولية ومشاركة في العداون على الشعب الفلسطيني الشقيق كما كان من السماح من قبل للقطع الحربية الأمريكية والصينية بعد ذلك مشاركة في العداون على الشعبين العراقي والسوري الشقيقين.

 

المراجع

* الوسيط الغنيمى – قانون السلام – منشأة المعارف.

* قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة – د. مصطفى الحفناوى – دار النهضة العربية .

* مبادئ القانون الدولى العام – د. سعيد جويلى.

* القانون الدولى العام – د. صلاح الدين عامر – الطبعة الثانية – دار النهضة العربية.

* كل المقتطفات بشأن التطور الذى شهده القانون الدولى بشأن مواجهة جريمة العدوان من رسالة دكتوراه بعنوان “جريمة العدوان ومدى المسئولية القانونية الدولية عنها” إبراهيم زهير – كلية الحقوق – جامعة عين شمس – 2002.

قناة السويس بين السيادة المصرية والتبعية الغربية (4)

نتناول في هذا الجزء من المقال إتفاقية الدفاع العربي المشترك وبعض الإتفاقيات الدولية الآخرى التي وقعت عليها مصر وما تنص عليه هذه الإتفاقيات من بنود تحتم على مصر عدم السماح لأي سفن حربية معتدية من المرور عبر القناة .

بداية نلقي نظرة على إتفاقية الدفاع العربي المشترك والتي تحتم على مصر على أقل تقدير أن تمنع مرور السفن الحربية المعتدية على أي دولة عربية عبر قناة السويس إذ نصت الإتفاقية على أن العدوان على أي دولة من الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية هو عدوان على مصر والامتناع عن اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عنها يناهض ويخالف اتفاقية الدفاع المشترك ولعل منع مرور القوات الحربية ممن سبق ومرت عبر القناة لضرب العراق أو لضرب سوريا واليوم تمر لضرب فلسطين هو الحد الأدنى لتنفيذ إتفاقية الدفاع العربي المشترك.

فقد جاء فى ديباجة اتفاقية الدفاع العربى المشترك “رغبة منها فى تقوية وتوثيق التعاون بين دول الجامعة العربية حرصاً على استقلالها ومحافظة على تراثها المشترك واستجابة لرغبة شعوبها فى ضم الصفوف لتحقيق الدفاع المشترك عن كيانها وصيانة الأمن والسلام وفقاً لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة ولأهدافها وتعزيزاً للاستقرار والطمأنينة وتوفيراً لأسباب الرفاهية والعمران فى بلادها قد اتفقت على عقد معاهدة لهذه الغاية …..”.

وجاء بالمادة الثانية من الاتفاقية “تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها أو على قواتها اعتداءً عليها جميعاً ولذلك فإنها عملاً بحق الدفاع الشرعى – الفردى والجماعى – عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معاونة الدولة أو الدول المعتدى عليها بأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما فى ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما.

وتطبيقاً لأحكام المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية والمادة الحادية والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة يخطر على الفور مجلس الجامعة ومجلس الأمن بوقوع الاعتداء وما اتخذ فى صدده من تدابير وإجراءات”.

وهكذا جاء نص المادة صريح وقاطع بأن الاعتداء على أى دولة فى المعاهدة هو اعتداء عليها جميعاً وبالتالى فعلى الجميع أن يبادر إلى معاونة الدولة المعتدى عليها ولا يحق لأى دولة أن تتقاعس عن ذلك وأنه يحق للموقعين على هذه الاتفاقية القيام بذلك فرادى أو جماعات وذلك حتى لا تتخل أى دولة عن التزاماتها بزعم صدور قرار جماعى وقد أتاحت الاتفاقية قيام الدول بجميع التدابير حتى استخدام القوة المسلحة.

وجاءت المادتين الثالثة والرابعة للتأكيد على ذلك حيث نصت المادة الثالثة من الاتفاقية على “تتشاور الدول المتعاقدة فيما بينها، بناءً على طلب إحداها كلما هددت سلامة أراضى أية واحدة منها أو استقلالها أو أمنها. وفى حالة خطر حرب داهم أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها، تبادر الدول المتعاقدة على الفور إلى توحيد خططها ومساعيها فى اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التى يقتضيها الموقف”.

ونصت المادة الثالثة على “رغبة فى تنفيذ الالتزامات السالفة الذكر على أكمل وجه تتعاون الدول المتعاقدة فيما بينها لدعم مقوماتها العسكرية وتعزيزها. وتشترك بحسب مواردها وحاجاتها فى تهيئة وسائلها الدفاعية الخاصة والجماعية لمقاومة أى اعتداء مسلح”.

كما جاءت المادة العاشرة بأنه يحظر على الدول الموقعة على الاتفاقية أن تسلك فى علاقاتها الدولية مع الدول الأخرى مسلكاً يتنافى مع أغراض هذه الاتفاقية وقد شهد الواقع العربى تطبيقات لنصوص هذه الاتفاقية واستفاد منها الشعب المصرى فى حروبه مع العدو الصهيوني ، كما قامت مصر بواجبها فى مراحل عديدة من التاريخ العربى وأخرها قيام مصر واستناداً إلى اتفاقية الدفاع العربى المشترك بالمشاركة مع قوات التحالف الدولى فى تحرير الكويت فى أوائل العقد الماضى.

وفيما يتعلق بعدم التصريح بمرور السفن الصهيونية المتجهة لضرب فلسطين فإن هناك تطبيقات مشابهة لذلك قامت بها مصر فى عقد الخمسينات من القرن الماضى حيث كانت مصر تمنع مرور السفن الحربية أو التجارية الصهيونية ولم يسمح لها بالمرور إلا بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد والتى أتاحت حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية شأن باقى الدول.

أيضاً يعتبر السماح للسفن الحربية الصهيونية بالمرور عبر قناة السويس مخالفة للالتزام الدولى بمواجهة جريمة العدوان حيث يختلف قانون الأمس عن قانون اليوم، ذلك لأن القانون الدولى خلال العقود الماضية شهد تطورات بشأن مبدأ تحريم استخدام القوة وانتهى بضرورة مواجهتها فالقوة والقانون لا يجتمعان وقد تزامنت محاولات منع استخدام القوة مع تطور القانون الدولى منذ بدايته، وهو ما يستدعى رصد هذا التطور للوصول إلى الواجب الدولى الواجب اتخاذه فى مواجهة الحرب والعدوان حيث كانت فكرة الحرب فى القانون الدولى التقليدى شأن المحكمة فى العلاقات بين الأفراد، فكما يلجأ الأفراد إلى المحكمة للحصول على ما يرونه حقاً لهم عن طريق إلزام خصومهم بأداء التزامات بعينها كذلك فإن الدولة تلجأ للحرب لحسم الخلافات التى قد تنشأ بينها وبين غيرها من الدول لقهر إرادتها وإملاء ما ترغب من شروط إذا ما حققت النصر وكان ذلك راجعاً إلى افتقاد المجتمع الدولى فى تلك المرحلة إلى السلطة العليا التى تعلو إرادة الدول لافتقاده وجود منظمة تعبر عن المجتمع الدولى الأمر الذى كان يجعل مواجهة فكرة الحرب أو العدوان أمراً عسيراً ولكن بذلت بعض الجهود الدولية لأنسنة الحرب بدلاً من تجريمها أى إخضاعها لبعض الضوابط والقيود التى تستهدف توفيراً لمزيد من الحماية للمدنيين وما إلى ذلك مثل اتفاقية جنيف 1864 واتفاقيات لاهاى لعامى 199 و 1907.

فقد عنيت اتفاقية جنيف بتحسين قواعد الحرب حيث تضمنت بعض المبادئ كوجوب الاعتراف بحياد سيارات الإسعاف والمستشفيات العسكرية وتقديم المساعدة والعناية بكل الجرحى بغض النظر عن جنسياتهم، ولكنها لم تخلوا من وضع قواعد للحرب البحرية.

أما اتفاقية لاهاى 1899 حيث كان يمثل ذلك أول مؤتمر دولى للسلام حضرته 26 دولة وتناولت الاتفاقيات المبرمة الحلب السلمى للمنازعات الدولية وتقنين قوانين وعادات الحرب البرية وتعديل مبادئ الحرب البحرية التى أقرت فى جنيف 1864، كما أوجد المؤتمر محكمة التحكيم الدائمة فى لاهاى حيث عنيت بفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية أما مؤتمر لاهاى الثانى فقد انعقد سنة 1907 بحضور ممثلين عن أربع وأربعين دولة، وقد نتج عنه إعلاناً وثلاثة عشر اتفاقية تتضمن تجديد الرغبة فى تجنب الحروب والدعوة إلى نزع السلاح وتثبيت دعائم السلام العالمى والملاحظ فى هذه المرحلة أن الدور الدولى اقتصر فى المعاهدات على وضع قواعد للحرب مع التشجيع على تجنبها واللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات ولكن دون أن تعنى بفرض الجزاءات على المعتدى ولا بتحريم الحرب بنصوص صريحة وقطعية وكان من الطبيعى أن ينتهى ذلك بالحرب العالمية الأولى.

فى عام 1914 نشبت الحرب العالمية الأولى واستغرقت أكثر من أربع سنوات وقسمت العالم إلى معسكرين حيث بلغ تعداد الشعوب التى أعلنت الحرب ضد بعضها البعض 1.5 بليون نسمة ينتمون إلى 23 دولة قامت بتعبئة 70 مليون مقاتل وبلغت خسائرها البشرية 10 مليون قتيل و20 مليون جريح فيما بلغ حجم الخسائر المادية 208 بليون دولار.

وكانت هذه الخسائر نتيجة طبيعية للفوضى الدولية ولتراخى المجتمع الدولى عن تجريم الحرب لذلك ظهرت العديد من الدعوات الشعبية الرسمية للاتجاه بالعلاقات الدولية نحو المزيد من التنسيق والتنظيم كى لا يتكرر ما حدث فبعد الحرب أنشئت لجنة مشتركة باسم لجنة هيرست – ميلر مكونة من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع مشروع عهد عصبة الأمم والذى تدارسته الدول فى مؤتمر فرساى وحرصت على أن تضمنه فى معاهدات صلح سنة 1919 وقد تمت الصياغة الفعلية لعهد عصبة الأمم فى الاجتماع العام لمؤتمر السلام الذى عقد فى 28/4/1919 وأصبح جزءً لا يتجزأ من معاهدة فرساى ودخل دور التنفيذ بصفة رسمية فى 10/1/1920.

في الجزء الخامس والأخير من المقال نتناول بالتفصيل محاولات عصبة الأمم تجنيب العالم ويلات الحروب والكوارث التى شهدها العالم قبل إنشائها ،مروراً بميثاق الأمم المتحدة وما تلزم به مصر من عدم المشاركة ولو بتسهيل الحروب التي لم يصدر بها قرارات من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة.

يتبع ….

قناة السويس بين السيادة المصرية والتبعية الغربية (3)

تناولنا في المقال السابق إتفاقية القسطنطينية والظروف التي تمت فيها وعدم جدوى إتخاذ السلطة المصرية لها كذريعة لمرور السفن الحربية المعتدية من خلالها لشن حروب على دول أخرى وإضافة إلى ما سبق ينبغي علينا ألا نغفل حق الدفاع الشرعى ،والدفاع الشرعي هو القيام بتصرف غير مشروع دولياً للرد على تصرف غير مشروع وقع ابتداءً ويشهد فى الدفاع الشرعى دفع أو رد الخطر الجسيم من قبل المعتدى والعمل على إيقافه لحماية أمن الدولة وحقوقها الأساسية ويذهب جانب من الفقهاء إلى أن الدفاع الشرعى لا يعد حقاً شخصياً ولكنه عبارة عن مركز أو رخصة أو أنه أحد أسباب انتفاء عدم المشروعية عن تصرف الدولة ولا ينطبق عليه مفهوم الحق لأنه عبارة عن المركز الذى يخول لصاحبه استخدام القوة طبقاً للقانون والدفاع الشرعى فكرة عرفتها كافة الأنظمة القانونية فعرفته كل الشرائع كحق طبيعى وغريزى ونُرد هنا بعض النصوص الحديثة ففى قانون عقوبات الثورة الفرنسية 1791 نص على (فى حالة الدفاع المشروع لا توجد جريمة مطلقاً ولذلك لا يحكم بأى تعويض مدنى) وهو ما جاء بكل الشرائع القانونية والدينية وتأكد كمبدأ أساسى فى القانون الدولى فجاء فى كتاب روح القوانين (إن حياة الدول مثل حياة الناس، فكما أن للناس حق القتل فى حالة الدفاع الطبيعى فإن للدول حق الحروب لحفظ بقائها) وقد جاء النص على حق الدفاع الشرعى فى الاتفاقية الخامسة من اتفاقيات لاهاى لسنة 1907 (لا يمكن أن يعتبر عملاً من أعمال القتال الفعلى الذى تأتيه الدول المحايدة ولو كان متضمناً استعمال القوة لدفع الاعتداء على حيادها). وفى عصبة الأمم جاء النص عليه كذلك وإن جاء بطريقة غير مباشرة حيث تم النص عليه بعد ذلك صراحة فى بروتوكول جنيف لسنة 1924 فى مادته الثانية (أن الدول الموقعة قد اتفقت على أنها سوف لا تلجأ إلى الحرب كوسيلة لفض المنازعات بأى حال إلا فى حالة مقاومة أعمال العدوان). وقد تأكد هذا الحق بعد النص علية صراحة فى الميثاق فى مادة 51 حيث نص على (ليس فى هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعى للدول فرادى أو جماعات فى الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء – الأمم المتحدة – إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولى والتدابير التى اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تُبلغ إلى مجلس الأمن فوراً ولا تؤثر تلك التدابير بأى حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسئولياته من أحكام الميثاق ومن الحق فى أن يتخذ فى أى وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلام والأمن الدولى أو إعادته إلى نصابه). وبموجب هذا النص أصبحت الدول تتمتع بحرية للجوء إلى استخدام القوة المسلحة بعيداً عن السلطة المركزية الدولية التى تحتكر استخدام القوة المسلحة فى هذا المجتمع الدولى – مجلس الأمن – وذلك فى حال الدفاع الشرعى طبقاً للشروط المحددة لمشروعيته وكذلك فقد اعترف الميثاق للدول بإمكانية ممارسة حق الدفاع الشرعى سواءً بشكل فردى أو بأسلوب جماعى، ويكون الدفاع فردى عندما تقدم الدولة المعتدى عليها وحدها باتخاذ التدابير اللازمة لدرء الاعتداء. أما الدفاع الشرعى الجماعى فهو الذى تقوم به مجموعة من الدول توجد بينهما الصلات والمصالح المشتركة ما يبرر العدوان الواقع على إحداها هو عدوان على المجموعة كلها. وقد يتم ممارسة الدفاع الشرعى الجماعى من خلال وجود ترتيبات أو تنظيمات إقليمية قائمة ومثال ذلك معاهدة حلف الأطلنطى الموقعة فى واشنطن فى 4/4/1949 والتى تم تعديلها فى 22/10/1951، وكذلك اتفاقية الدفاع العربى المشترك الموقعة فى القاهرة بتاريخ 13/4/1950 حيث نصت المادة الثانية على (تعتبر الدول المتعاقدة على اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها أو على قواتها اعتداءً عليها جميعاً ولذلك فإنها عملاً بحق الدفاع الشرعى – الفردى والجماعى – عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معاونة الدولة أو الدول المعتدى عليها بأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما فى ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما). ولا يتبقى بعد ذلك إلا مجرد قيام المدافع بإعلان مجلس الأمن بالتدابير التى اتخذتها للدفاع الشرعى (51 ميثاق)، وإبلاغ مجلس الأمن من القواعد الآمرة فى النظام العام الدولى وبالتالى فإنه لكل ذى مصلحة مباشرة كانت أو غير مباشرة أو لكل عضو فى الجماعة الدولية حق الإبلاغ عن التدابير التى اتخذتها الدولة المدافعة استناداً إلى حق الدفاع الشرعى. هذا وتتمتع قناة السويس بوضع قانونى خاص فهى من ناحية مياه داخلية لأنها بكاملها داخل الأرض المصرية ومن ناحية أخرى تنظم الملاحة فيها طبقاً لأحكام القانون الدولى باعتبارها ممراً دولياً هاماً، أى أن مصر لها السيادة الكاملة على القناة باعتبارها جزء من الإقليم المصرى الوطنى فيما لا يعارض الاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن القناة وأهمها اتفاقية القسطنطينية الموقعة فى أكتوبر 1888 (رغم اعتراضنا على تلك الاتفاقية كما أشرنا) ؟ على أن هذه الاتفاقية سالفة الذكر تخول لمصر الحق فى الدفاع عن قناة السويس وتلزمها بالمحافظة عليها باعتبارها ممراً ملاحياً دولياً أمنا وصالح للملاحة، وعلى ذلك فإن أهم ما يترتب على ذلك هو أن مياه قناة السويس تعتبر مياه داخلية ومن ثم فهى تخضع أساساً للسلطان الإقليمى لمصر ولا يحد من ذلك إلا الالتزامات الدولية الملقاة على عاتق مصر بموجب اتفاقية القسطنطينية أو غيرها من الوثائق الدولية النافذة والملزمة لها، كما أنه يحق لمصر دون سواها اتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير للدفاع عن قناة السويس بل إنه واجب عليها طبقاً لنص المادة 9/1 من الاتفاقية سالفة الذكر التى تنص على : ” تتخذ الحكومة المصرية فى حدود سلطاتها المستمدة من الفرمانات، وبالشروط الواردة فى المعاهدة الحالية، التدابير اللازمة التى تحمل على احترام تنفيذ المعاهدة المذكورة”. وورد استثناء على التزامات مصر الدولية تجاه قناة السويس طبقاً لأحكام تلك الاتفاقية فقد نصت المادة العاشرة من اتفاقية القسطنطينية على : “وكذلك لا تكون أحكام المواد 4، 5، 7، 8 عقبة دون التدابير التى يضطر جلالة السلطان وسمو الخديوى باسم جلالته فى حدود الفرمانات الممنوحة لسموه إلى اتخاذها بقواتهما الخاصة لضمان الدفاع عن مصر وحفظ النظام العام وفى حالة ما إذا أخطر جلالة السلطان أو سمو الخديو إلى الاستفادة من الاستثناءات المذكورة فى المادة الحالية فإنه يجب على الحكومة الإمبراطورية العثمانية أن تحيط الدول الموقعة على تصريح لندن على ذلك”. وغنى عن البيان أن هذا الظرف الاستثنائى قد تحقق بالفعل واستخدمت مصر حقها وممارسته طبقاً لأحكام اتفاقية القسطنطينية وذلك فى أعقاب الإعلان عن قيام الكيان الصيونى على فلسطين عام 1948 وقيام الحرب العربية – الصهيونية. وبناءً على ما سبق فإنه يُستفاد من تلك النصوص أنه يحق لمصر أن تتخذ تدابير معينة ومنها منع مرور سفن معينة للدول معينة وذلك لكى تكفل تنفيذ أحكام تلك الاتفاقية أو للدفاع عن مصر أو حفظ النظام العام فإن هذه التدابير تعتبر مشروعة طالما أنها لا تمس حرية استخدام القناة بالنسبة للدول الأخرى أو تمنع العبور فى القناة منعاً باتاً.

 

يتبع ……………

قناة السويس بين السيادة المصرية والتبعية الغربية (2)

توقفنا في الجزء الأول من المقال عند إتفاق اللجنة الدولية في إجتماعها بالقسطنطينية على بنود تضمن حرية المرور عبر قناة السويس عرفت فيما بعد بإتفاقية القسطنطينية ،وعلى مدار ما يزيد عن مائة وخمسة وعشرون عاماً منذ توقيع تلك الإتفاقية ويتخذها المستعمر وسيلة للتحكم فى حركة السفن فى القناة كما يتخذها حكام مصر وسيلة لإعلان الخنوع والإستسلام للقوى الخارجية في حروبها على الدول الشقيقة ،على الرغم من أن الاتفاقية لم تمنع مصر من تقييد الملاحة بالقناة متى كان هناك خطراً يتهددها فقد نصت المادة العاشرة على : “كذلك لا تتعارض أحكام المواد 4، 5، 7، 8 مع التدابير التى قد يرى عظمة السلطان وسمو الخديوى اتخاذها باسم صاحب الجلالة الإمبراطورية ليضمنا بواسطة قواتهما فى حدود الفرمانات الممنوحة الدفاع عن مصر وصيانة أمنها. وإذا رأى صاحب العظمة الإمبراطورية السلطان، وسمو الخديو ضرورة استعمال الحقوق الاستثنائية بهذه المادة، فإنه يجب على حكومة الإمبراطورية العثمانية أن تخطر بذلك الدول الموقعة على تصريح لندن، ومن المتفق عليه أيضاً أن أحكام المواد الأربعة المذكورة لا تتعارض إطلاقاً مع التدابير التى ترى حكومة الإمبراطورية العثمانية ضرورة اتخاذها لكى تضمن بواسطة قواتها الخاصة، الدفاع عن ممتلكاتها الخاصة الواقعة على الجانب الشرقى من البحر الأحمر.” وكذلك المادة الثالثة عشر والتى نصت على : “فيما عدا الالتزامات المنصوص عليها فى هذه المعاهدة، لا تمس حقوق السيادة التى لصاحب العظمة السلطان وحقوق صاحب السمو الخديو وامتيازاته المستمدة من الفرمانات”. فالاتفاقية تنص على إتاحة حرية الملاحة فى كل وقت ولكل السفن الحربية والتجارية دون تمييز ولا تقييد الملاحة إلا فى حالة خطر يهدد مصر أو سلامة القناة أو منشآتها أو ينال من سيادتها على أنه يجب على مصر أن تقوم بالتدابير التى ترأها بشرط ألا يؤدى ذلك لإغلاق القناة وإنما تستمر أيضاً حرية الملاحة بما يفيد أن التقييد يقتصر على السفن مصدر الخطر دون أن ينال غيرها وهو المبدأ الذى استخدمته مصر ضد السفن الإسرائيلية حيث كانت تمنع مرورها ولم تتمكن السفن الإسرائيلية من عبور القناة إلا بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد فما قامت به مصر كان يستند إلى سبب صحيح فى الاتفاقية وانطلاقاً من حقها فى السيادة على إقليمها.

فالسيادة مفهوم قانونى يتمثل واقعاً سياسياً معيناً هو القدرة على الانفراد بإصدار القرار السياسى فى داخل الدولة على وجه النهائية وفى خارجها ومن ثم القدرة الفعلية على الاحتكار الشرعى لأدوات القمع الداخلى وعلى رفض الامتثال لأية سلطة تأتيها من الخارج.

ويستخلص من أقوال الفقهاء عن السيادة بأنها سلطة الدولة التى لا توجد سلطة أخرى تعلوها أو تشاركها فى إدارة شئون إقليمها، فالدولة هى السيد الأعلى الذى لا يعترف بسلطان يعلو عليه ولها أن تتخذ كل ما تراه كفيلاً بتأكيد سيادتها على الإقليم ولا يجوز بحال أن ينزع منها شئ من اختصاصها ولكل دولة ذات سيادة أن تقدر بحرية تامة المراكز الدولية التى تعنيها وتقرر سيادتها بالنسبة لها وذلك لا يتنافى البتة مع احترام الدول لأحكام القانون الدولى ولالتزاماتها الدولية.

وقد وجدت تطبيقات قضائية تقرر حق الدولة صاحبة القناة فى تقييد استخدامها إذا كان هناك خطر يتهدد سلامتها أو أمن وسلامة الدولة صاحبتها، فقد ذهبت المحكمة الدائمة للعدل الدولى فى حكمها الشهير فى القضية المعروفة باسم (قضية ويمبلدون) أن يحق للدولة صاحبة القناة أن تحول دون استعمالها متى جاء ذلك هذا الاستعمال على نحو يهدد أمن تلك الدولة وسلامتها.

ويجدر بنا حينما نتناول معاهدة القسطنطينية أن نرى الواقع الذى نشأت فيه تلك المعاهدة حيث كان الواقع الدولى السائد عند توقيعها بعيداً كل البعد عن ضوابط العدالة بل كان متجاهلاً للضوابط الأخلاقية والإنسانية والثقافية فقد كان يسيطر عليه شهوة احتلال الآخر والعدوان عليه ونهب ثرواته، فلم يكن لعدالة الباعث على الحرب أو مشروعيته أى تأثير على قيام الحروب أو تبريرها، ولم تخضع تلك الحروب لأية قيود أو ضوابط إنسانية بل خضعت لشريعة الغاب إلى الحد الذى جعل الفقيه _ Hougo Grotius – ويعد من أبرز رواد فقه القانون الدولى فيما يعده الكثيرين أول مؤسس قواعد هذا القانون – يذهب إلى القول: ( إننى أرى من العالم المسيحى إفراطاً فى الحرب تخجل منه حتى الأمم المتوحشة لأسباب واهية وحتى بلا سبب، فيندفع الناس إلى السلاح ولا تراعى فى الأسلحة المستخدمة لا القانون الإلهى ولا القانون الإنسانى كما لو لم يوجد سوى قانون واحد هو قانون التسابق لارتكاب أنواع الجرائم ).من هذا الواقع نشأت ووقعت اتفاقية القسطنطينية وحملت بداخلها تناقض حرية الملاحة للسفن المدنية والحربية على السواء دون تمييز فالأولى تعنى بالتقدم والإنماء وزيادة الثروات والثانية تعنى بالخراب والدمار.

وفى الحقيقة فإن واقع المجتمع الدولى اليوم يطرح ضرورة تعديل كل الاتفاقيات التى تسهل الحرب ومنها بلا شك اتفاقية القسطنطينية التى تتيح حرية الملاحة للسفن فلابد من تقييد هذا الحق أو تضييقه وإعطاء حق المرور فى كل القنوات للمرور الذى يستهدف أعمال تحت غطاء الأمم المتحدة أو المرور للوصول إلى نقاط التدريب أو المناورات أو الزيارات على أن يمنع المرور للسفن الحربية المتجهة للعدوان والحرب خارج إطار الأمم المتحدة وإذا كان ذلك متضمن ضمنياً من خلال فقه القانون الدولى ومن خلال القواعد الدولية الجديدة المستمدة من ميثاق الأمم المتحدة والإعلانات الصادرة عنها إلا أنه صار من الواجب النص صراحة على ذلك حتى لا يكون هناك مجال للتأويل أو المناورة.

 

يتبع ….

منطقة متحرشين .. ممنوع الإقتراب أو التصوير أو الإنتظار


  من الظواهر السيئة التى لاحت فى أفق مجتمعنا المصري فى الفترة الأخيرة ظاهرة التحرش الجنسي ،تلك الظاهرة التى أخذت فى الإزدياد والتطور والتنظيم حتى صارت كالوحش الذي أوشك أن يقضي على ثنايا المباديء والقيم والأخلاق فى مجتمع إتسم بالتدين ،فلم يعد التحرش الجنسي عمل فردي يتخفى فاعله خوفاً من إفتضاح أمره كما كان فى الماضي وأصبح الآن فعلاً جماعياً يستطيع أن يراه الجميع رؤيا العين فى الميادين وأمام دور السينما وفي الملاعب الرياضية كما طال التظاهرات السياسية بل والأعياد الدينية أيضاً . وقد يصيبك الذهول إذا ما علمت أن تكتيك التحرش الجماعي قد تطور بشكل فاق بكثير تطور أسلوب لعب كرة القدم من 5/3/2 إلى 4/4/2 ،فعلى سبيل المثال لا الحصر أتذكر خروجي ومجموعة من الأصدقاء للتنزه بوسط العاصمة فى عيد الأضحى الماضي ولم تكن الساعة قد تجاوزت بعد الواحدة ظهراً ،كانت منطقة وسط البلد بشكل عام غير مزدحمة وكان التواجد الشرطي فى المنطقة لا بأس به ، سرعان ما لفت إنتباهي أصوات صافرات كتلك التي يستخدمها الرياضيين ،كانت أصوات الصافرات متباعدة ومتقطعة ولم أعيرها إهتماماً ولم اسأل عن ماهيتها إلا بعد أن بدأت تزداد وتقترب رويداً رويداً حتى فاجأني أحد الباعة الجائلين المنتشرين فى المكان بالإجابة على تساؤلي بأن هذه الصافرات تستخدمها مجموعات الشباب من المتحرشين كي تدل باقى المجموعات الأخرى من الشباب المنتشرين فى جنبات الميدان لوجود فتيات فى المكان ليتجهوا إليها ويتحرشون بهن ،حاولت تنبيه بعض رجال الشرطة لما يحدث إلا أن ما أصابني بالذهول هو إكتفاء رجال الشرطة بدور المشاهد وعدم التدخل لوقف تلك الجريمة الوحشية معللين موقفهم السلبي بأن الأمر خارج حدود السيطرة مما أثبت لي وبشكل قاطع فشل الحلول الأمنية في مواجهة هذه الظاهرة التى تغولت وأصبحت أكثر تنظيماً مثل عمليات الصيد والقنص التى عرفها الإنسان فى العصر الحجري القديم. عدت إلي بيتي يعتصرني الألم مما رأيت وظل سؤالاً واحداً يجول فى خاطري ولا أجد له إجابة حتى الآن ،هل ستتجه الدولة للتعامل مع هذه الظاهرة من منظور ديني وأخلاقي وثقافي ونفسي وإجتماعي وتشريعي حتى تستطيع تفكيك نسيجه والقضاء عليه بشكل جذري ،أم ستكتفي بالحلول الأمنية التي تتخذها منذ سنوات طويلة وثبت بالدليل القاطع فشلها التام فى القضاء على تلك الظاهرة أو حتى قدرتها على مواجهتها منذ بدايتها حتى صارت الآن كالمهرجانات الفنية التى تجتذب إليها الآلاف من المشاركين فى فعالياتها بصفة دورية ؟؟!! وتمر الأيام تلو الأيام والأحداث تلو الأحداث ويظل السؤال بلا إجابة ،بل وتتسع دائرة التحرش الجماعي ويزداد تعداد ضحاياه واحدة تلو الأخرى ويتفنن المتحرشون في إبتداع أساليب وطرق جديدة للفوز بالفرائس ،ولن أكون مبالغاً إذا قلت أنني لن أصاب بالذهول إذا ما إتخذ المتحرشون قراراً بإستخراج بطاقة هوية لكل متحرش ،أو قاموا بإستصدار دعوات موسمية وتذاكر حضور حفلات التحرش الجماعي وتزويد مناطق التحرش بالخدمات التى تساعد المتحرش على إخراج كامل طاقاته ،فإذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة ستكتفي الدولة حينئذ بوضع علامات إرشادية للسيدات عند مداخل الميادين التي يقع فيها التحرشات الجماعية مكتوب عليها “إحترسي منطقة متحرشين ،ممنوع الإقتراب أو التصوير أو الإنتظار” .