أرشيفات الوسوم: صدى صوت

زواج الصالونات والنهاية المحتومة

لم يكن أمام نايلون وبلابيعو سوى القفز من نافذتي غرفتيهما بمنزل المعلم خرطوشي بعدما كشفت لهما زوجتيهما سوسو وتوتو عن وجهيهما في “ليلة الدخلة”

متابعة قراءة زواج الصالونات والنهاية المحتومة

قانون الكيانات الإرهابية “المصري”… يا عزيزي كلنا إرهابيون

نشرت الجريدة الرسمية أول أمس الثلاثاء مرسوماً بالقانون رقم 8 لسنة 2015 المتعلق بالكيانات الإرهابية والذي صدر عن عبد الفتاح السيسي رئيس السلطة التنفيذية والقائم بأعمال السلطتين التشريعية والقضائية “لحين إشعار آخر” ، وعلى الرغم من فشل جميع الإتفاقيات الدولية في وضع تعريف واضح للإرهاب إلا أن مؤسسة الرئاسة المصرية نجحت أخيراً في وضع لائحة من 24 فعلاً تتسبب في وضع من هم بها على قوائم الإرهاب.

فعلى سبيل المثال وليس الحصر يصنف إرهابياً كل فلاح يقوم بحرق قش الأرز !! وكل “مزنوق” دفعه المرض وعدم توفير الدولة لحمامات عامة إلى قضاء حاجته على أحد الأسوار “وكم هم كثر” !! وهذا كله بحسب نص القانون في مادته الأولى بأن يصنف كل من يلحق الضرر بالبيئة، أو بالمواد الطبيعية “إرهابياً”.

ليس هذا فحسب فمن عبقرية القانون أنه يدين مؤسسات ووزارات بل وأشخاص في السلطة الحالية بممارسة الإرهاب في نصوص عدة إذ يصنف كل من  يؤذي الأفراد، أو يلقي الرعب بينهم، أو يعرض حياتهم، أو حرياتهم، أو حقوقهم، أو أمنهم للخطر “إرهابياً” في إشارة صريحة لقتلة شهداء الدفاع الجوي وشهداء المظاهرات المعارضة للنظام ومكممي الأفواه وفاتحوا أبواب المعتقلات لكل صاحب رأي أو فكر معارض لنظام الحكم القائم ،كما يصنف كل من يلحق الضرر بالأموال “إرهابياً” في إشارة واضحة لأصحاب القرارات الإقتصادية السيئة التي تؤدي يومياً لإنخفاض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى مما أفقده قيمته ،أيضاً يتم تصنيف كل من يمنع أو يعرقل عمل دور العبادة “إرهابياً” ولنا في قرار منع آلاف المساجد الصغيرة من إقامة صلاة الجمعة مثالاً ،هذا بالإضافة للعديد والعديد من النصوص التي تمثل إتهاماً مباشراً وصريحاً للوزارات والمؤسسات الأخرى بالإرهاب لسنا في حل من ذكرها الآن.

هذا ولم يكتفي الإعلام الموالي للسلطة بمباركة هذا القانون فحسب بل تخطى بعضهم كل ذلك وراح إلى الترحم على السنوات التي مرت من عمر البلاد دون  صدور مثل هذا القانون العبقري الذي فشل في إصداره مبارك والسادات مدعين أن صدور هذا القانون في عهد السادات كان بمثابة حائط الصد المنيع أمام إغتياله فيما كان صدوره في عهد مبارك ضامناً لمنع إندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة.

فماذا لو إستجابت الأقدار لمريدي هذا القانون وعاد بنا الزمان إلى الوراء قليلاً !!!! وما هي ردود الأفعال التي كانت ستصدر من مفكري ومثقفي هذا العصر ،هل إذا ما تم إقرار مثل هذا القانون في الثمانينيات لرأينا رائعة إحسان عبد القدوس “يا عزيزي كلنا لصوص” وقد تحولت إلى “يا عزيزي كلنا إرهابيون” !!! أم أننا كنا سنرى المبدع وجيه أبو ذكري وقد خط قلمه في “ضد الحكومة” الجملة الشهيرة التي أطلقها الفنان الراحل أحمد ذكي في الفيلم الذي يحمل نفس إسم الرواية “ضد الحكومة” صارخاً مستصرخاً ضمائر المصريين “كلنا إرهابيون .. كلنا إرهابيون … لا أستثنى أحداً .. حتى بتبولنا على الحوائط” ؟؟

غير أنني أثق يقيناً في أن خالد الذكر الراحل نزار قباني لم يكن ليترك إقرار مثل هذا القانون يمر دون الإشارة إليه في قصيدته الرائعة “أنا مع الإرهاب” قائلاً:

متهمون نحن بالإرهاب

إن نحن سرنا في شوارع مصر

أو إنتقدنا يوماً جينرالات القصر

أو لم نمارس المحن .. متنحنحين جميعاً 

هاتفين .. تحيا مصر

تحيا مصر .. تحيا مصر

الأزمة اليمنية .. طريقان لا ثالث لهما

في نبأ عاجل أذاعت وكالات الأنباء خبراً مفاده خروج الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي من منزله بصنعاء ووصوله إلى مدينة عدن وذلك على الرغم من وضعه رهن الإقامة الجبرية ومحاصرة منزله بميليشيا جماعة الحوثي المددجة بالأسلحة الثقيلة ،وفي تطور سريع للأحداث صرح الحوثيون للعديد من وكالات الأنباء أن خروج منصور تم من دون علمهم على الرغم من محاصرتهم لمقر إقامته بصنعاء فيما يفتح باب التكهنات حول الطريقة التي خرج بها منصور من منزله بدون أن يراه أو يعترضه أحد مسافة 360 كيلو متر وهي المسافة الواصلة بين مدينتي صنعاء وعدن على الرغم من الإنتشار القوي لميليشيا الحوثيين في صنعاء وإحكام قبضتهم العسكرية عليها!!!!

ليظل السؤال الحائر هل خرج عبد ربه منصور من منزله مستعيناً بطاقية الإخفاء كعبد المنعم إبراهيم في فيلمه الشهير “سر طاقية الإخفاء” ؟؟ ،أم أنه تنكر في زي “بهانة” كمحمد سعد في فيلم كتكوت أثناء هروبه من “البرايصة” ،أم أن عبد ربه 2015 هو هو عبد ربه 1959 في فيلم “إسماعيل ياسين في البوليس السري” والذي قرر الهروب بالسلم “وأخد السلم معاه فوق”.

لا أستطيع الإدعاء أننا أمام “فيلم هندي” فقد تقدم الهنود كثيراً وتأخرنا نحن كما لا يمكنني أن أقارن بين هذا الفيلم الهابط وأفلام السبكي لأن المقارنة قطعاً ظالمة ،ولكن ما أستطيع أن أجزم به أن الجميع في الداخل والخارج بات يرى فى المواطن العربي من السذاجة ما يدفعهم لتصدير تلك السيناريوهات الهابطة إليه.

وبعيداً عن طريقة الخروج “الشيطانية” لهادي من صنعاء فإن الكارثة الحقيقية تكمن في تحول ميادين ثورة 11 فبراير من الهتاف للثورة ومبادئها من عيش وحرية وعدالة إجتماعية إلى الهتاف لشرعية هادي “المصطنعة” التي أضاعت جميع مكتسبات الثورة اليمنية.

عاد عبد ربه منصور من جديد للظهور على الساحة فهلل وبارك الكثيرون تلك الخطوة ظناً منهم أن في عودة هادي لسدة الحكم إنتصاراً وعودة للشرعية المزعومة ، غير أن عودته ما هي إلاعودة عروسة ماريونيت للظهور من جديد على خشبة المسرح.

ولكن هل يكون دور هادي في المرحلة المقبلة هو دور البطولة المطلقة “شكلياً” والتي قد يجسدها لعشرات السنوات المقبلة تحت ذريعة الاستقرار والأمن والأمان وتحجيم دور عصابات الحوثي “ديكورياً” ووقتها لن يعلو أمام هذا الصوت أي صوت آخر يدعو للحرية أو العدالة الإجتماعية أو التداول السلمي للسلطة في اليمن ،أم أن دور هادي الحقيقي سيكمن في تقسيم اليمن نحو يمن “حوثية” ويمن “شرعية” ،وفي كلا السيناريوهين اللذين لا ثالث لهما نجح النظام العالمي في توجيه الضربة القاضية للثورة اليمنية بمشاركة جميع أطياف الشعب اليمني وبمباركة جميع التيارات والحركات السياسية هناك على الرغم من تفاهة السيناريو الذي إنطوى على الجميع والذي لم يعد ينقصه قبل كتابة كلمة النهاية سوى أن يطل علينا الفنان الراحل إسكندر منسي بجملته الشهيرة في فيلم إسماعيل يس في البوليس السري “يا خسارة يا أستاذ منيجي”.

 

 

الأزمة اليمنية .. طريقين لا ثالث لهما

ممر الموت “شركة مساهمة عسكربوليسية”

أرواح جديدة تصعد إلى بارئها ولكن هذه المرة خارج الحدود وتحديداً في ليبيا على يد تنظيم مجهول النشأة والهوية والإنتماء والتبعية ،جريمة لا تختلف كليةً عن جرائم القتل المنظمة التي تحدث يومياً بحق المواطنين داخل حدود البلاد فالقاتل واحد على مدار أكثر من ستين عاماً أصبح خلالها أرخص ما في البلاد أرواح مواطنيه ،فربما لو عدنا إلى الوراء إسبوعاً واحداً لرأينا رأي العين جريمة مكتملة الأركان من محرض وقاتل ومبرر ومحصن من العقوبة لكل من سبقوا ،جريمة في حق مستقبل هذه البلاد التي أصابها من التخلف والتأخر ما جعلها في مؤخرة الأمم عبر ستة عقود من الزمان تولى إدارتها مجموعة من المنتفعين والعملاء ممن لم يسعوا ولو مرة واحدة للعمل على رفعتها أو الإهتمام بمستقبلها قدر إهتمامهم بتثبيت أركان حكمهم فيها لجني القدر الأكبر من المكاسب.

لم تعد القضية الآن قضية إرهاب أو تطرف قدر ما أصبحت معاداة لكل ما هو حالم ،فلم يسمع العالم قط عبر تاريخه عنا قدر سماعه أخيراً عن فخر الصناعة المصرية في الوصم بالإرهاب ،فهنا يتهم بالإرهاب كل من تظاهر وخرج إلى الشارع في مسيرات تعبير عن الرأي ،يتهم بالإرهاب كل من آمن بالديمقراطية المصنعة أمريكياً ،يتهم بالإرهاب كل من تطرب أذناه لمحمد عبد الوهاب حينما تغنى بنشيد الجهاد ،يتهم بالإرهاب كل من دندن بأغنيات الحرية ولو على سبيل التسلية أثناء الإستحمام وهذا أضعف الإرهاب ،يتهم بالإرهاب كل من صلى أربع ركعات في المسجد أو لم يصليها وإكتفى بالصلاة على النبي عبر ورقة صغيرة يعلقها على الجدران أو زجاج السيارات ، وأخيراً وليس آخراً يتهم بالإرهاب كل من قرر الذهاب إلى ملعب من ملاعب كرة القدم لتشجيع فريقه ،ربما كانت تمثل تلك المباراة لهم الفرح بالعودة إلى المدرجات بعد غياب طويل ولكن أي فرح هذا الذي قد يسمح به تجار الموت ،فكيف يمر يوم عليهم ولم يتذوقوا دماء المصريين التي باتت مستباحة لهم ،شباب لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين وأطفال لم تتخطى سنوات حياتهم الثامنة عشرة فبأي ذنب قتلوا غدراً وخسة ،هل أزعج الطغاة أهازيجهم ؟؟ هل أرق مضاجع عتاة الإجرام أحلامهم ببطولة ؟؟ هل أصبح إدمانهم لرائحة الدماء لا شفاء منه بعد أن فاق إدمان المخدرات ؟؟ هل وهل وهل ويظل السؤال الأكثر أهمية ملقياً بظلاله علينا هل تخطينا مرحلة تطهير الداخلية وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من المطالبة بقطع دابرها ؟؟؟.

إرتقى شهداء مجزرة الدفاع الجوي ،الذين لم يكونوا أول الشهداء ولن يكونوا آخرهم فسماسرة الموت يعملون بهمة ونشاط داخل البلاد وخارجها ولكن عزاؤنا الوحيد أن شهدائنا اليوم في رفقة أفضل من رفقتنا ودار خير من دارنا فدار حق وعدل وسلام ،فيما نظل نحن الأحياء الأموات رهينة بيد نظام دموي فاشي فاشل سيذكرهم التاريخ دائماً بالفشل في إقامة مشاريع تصب في فائدة المواطنين فلا ممر للتنمية أقاموا ولا ممر قناة السويس أفلحوا ،ولن يرتبط ذكرهم تاريخياً سوى بمشروع  ممر الموت “شركة مساهمة عسكربوليسية” كأكبر موردي الأرواح إلى الدار الآخرة فهي الصناعة الوحيدة التي أتقنوها ولن يكتب لهم الإستمرار في الحكم بدونها.

الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر

لم تكن مثل باقي البنات التي تكتظ بهم قاعة العرس الذي لبى دعوة حضوره في اللحظات الأخيرة ،إجتذبت عيناه من دون سابق إنذار وأخذ يتتبع خطاها من دون أن تلحظ نظراته ،كانت رائعة في فستانها الأخضر هكذا كان يقول على الرغم من أنه لا يذوب عشقاً في هذا اللون إلا أن إرتادئها له جعل منه لوناً محبباً إلى قلبه ،سهر الليالي حالماً في صورتها التي حفرها في خياله وعلى الرغم من هذا لم يسعى إطلاقاً لمصارحتها بما يجول في خاطره من ناحيتها وظل محتفظاً بتلك المشاعر الجياشة في أعماق أعماق قلبه .

متابعة قراءة الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر

حوار صحفي مع أم الأسد

ربما حلم الكثير من الصحفيين بإجراء حوارات صحفية مع رؤساء دول عظمى ،كما راود آخرون الحلم بإجرائهم تلك الحوارات مع رياضيين عالميين أو نجوم مجتمع ،فيما إحتلم الكثيرون أثناء حلمهم إجراء حوارات صحفية مع نجمات إغراء أو مع راقصات من النوع الفتاك ،غير أن ما أصابني من حلم ليلة أمس ربما لا يمكنني نسيانه على الإطلاق ولو مرت السنوات تلو السنوات فقد حلمت بإجراء حوار صحفي مع والدة الرئيس المصري ، كانت مقابلتها رائعة ولا عجب في هذا فقد كنت في ضيافة أم “أم الدنيا” وحتى لا أطيل فى التشويق أترككم مع هذا الحوار الشيق الذي قمت بإجراءه في حلمي مع تلك السيدة الرائعة التي أنجبت لمصر كما يحلو لمحبيه ان يطلقوا عليه “أسد مصر”.

متابعة قراءة حوار صحفي مع أم الأسد

تحدي جردل الوحل

ليل نهار تُدَك غزة بقنابل جيش الإِحتلال الصهيوني ،يَبكيها العرب ويرفعون أكُف التضرع والدعاء إلى الله أن ينصر المقاومة كما إِعتادوا أن يفعلوا مُنذ إِحتلال فلسطين في أربعينيات القرن الماضي ،إلا أن هذا العام ظهر نوع جديد من العرب وحتى أكون دقيقاً هو نوع جديد من المصريين الذين يتراقصون مع كل غارة صهيونية ويصفقون مع سقوط الجرحى وإرتقاء الشهداء الفلسطينيين فرحين بإنتصار الصهاينة وهذا على الرغم من أنهم ليسوا من أبناء جِلدتهم ولا هم على نفس ديانتهم إلا أَنهم سلموا آذانهم وأعينهم وعقولهم إلى الإِعلام التابع لمخابرات جيش كامب ديفيد وكانت نتيجة تسليمهم لهذا الإعلام تغييبهم وتغيير معتقداتهم وسحق مبادئهم وإنتماءاتهم فبعد أن قر في وجدانهم وعقولهم على مدار عقود طويلة قول الرسول صلى الله عليه وسلم “مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” تبدلت المعتقدات وأصبح ما يقر في عقولهم “أن مثل المسلمين كالأجساد المتناحرة إذا إشتكى إحداهم رقص الآخرون طرباً وفرحاً فيما أصاب الجسد الآخر” ،ولم لا يؤثر فيهم هذا الإعلام وهو من أقنعهم بوجود أسلحة نووية في إعتصام رابعة العدوية ،كما أقنعهم بوجود كرة أرضية أسفل أرضها وكذا أقنعهم بتخابر الدمية أبلة فاهيتا وسعيها لإسقاط البلاد وها هو على وشك إقناعهم بأن توم وجيري إخوة وليسوا أعداء وأن عدائهم في مسلسل الكارتون المشهور ما هي إلا خدعة مخابراتية لإسقاط مصر وجيشها. خلاصة القول أنه لا التعاطف مع غزة بالبكاء والدعاء يزيد المقاومة مقدار أنملة ويرفع عن العرب الحرج ،ولا الشماتة والرقص على أصوات القنابل الصهيونية سينتقص من المقاومة شيئاً يذكر ،أما على المستوى الدولي ومع التعاطف المذهل للشعوب الغربية ونجوم العالم في شتى المجالات مع مرضى “التصلب العصبي” من خلال تحدي “جردل الثلج” ربما نجد أنه من الواجب على جميع شعوب هذا الكوكب أن لا تدير وجوهها للقتل والدمار الحاصل بفلسطين فشهداء ترتقي من مختلف الأعمار من الجنسين بلا رحمة ولا شفقة والأجدر بتلك الشعوب وبهؤلاء النجوم أن يتعاطوا مع تلك القضية ولو بتحدي “كنكة الدم” .. أما شعوبنا العربية ونجومنا العرب من محبي التقليد الأعمى فالتعاطف مع الشعب الفلسطيني لا يقل أبداً عن التعاطف مع مرضى التصلب العصبي ،وعلى ما يبدو أن إستمرار تجاهل القتل والدمار في فلسطين وفرحة بعضنا بما يحدث لإخواننا هناك يدعونا جميعاً كعرب أن نتسابق سوياً من أجل شهداء فلسطين ومصابيها في “تحدي جردل الوحل” .

شخابيط قلم ثائر

إلى كل من أشبع آذننا قولاً بأن مصر ليست كغيرها من البلدان وحاول وأد ثورتنا في مهدها تحت دعوى أنه لن تقوم ثورة هنا ،وأن الثورة ليست الوسيلة المثلى للتغيير … إلى كل من حاول كسر إرادتنا بتكرار قولة أن المظاهرات والإعتصامات لن تستطيع إجبار مبارك على التخلي عن حكم البلاد رغماً عن أنفه … إلى كل من بغبغ ليل نهار عبر آلة الإعلام المخابراتية قائلاً إن هذا الشعب لن يصلح معه سوى رئيس عسكري وأن وصول مدني لكرسي الحكم في البلاد هو درب من دروب الخيال … إلى كل من دافع عن العسكر تحت دعاوى حمايتهم للثورة وعدم سعيهم للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد بل وأتهمنا بالعمالة تارة وبالبلطجة تارة أخرى لهتافاتنا في الميادين “يسقط يسقط حكم العسكر” … إلى كل من إعتبر نصحنا له كراهية وحرصنا على عدم ضياع مكتسبات الثورة إندفاع شباب وعدم خبرة وحينما حاولنا مخلصين مساعدته في تصحيح مساره المعوج كان رده الوحيد أن موتوا بغيظكم وكانت أنشودته المفضلة “7 سنين ومكملين” لم يُكتب له منها ولو فيمتو ثانية واحدة .

إلى جميع من سبق ذكرهم: نُسمعكم ولو صُمت آذانكم ،لم تمت الثورة بعد ولن تموت ،ولم ولن يستطيع كائناً من كان أن يطوعها لخدمة رغباته وتطلعاته ،قد نكون قد خسرنا جولة من الجولات إلا أن معركتنا على العيش والحرية والكرامة والتحرر من التبعية لم تنتهي بعد فلن تركع الثورة للبيادة العسكرية ولن تسجد لمن تاجر بالدين ولن تبيع نفسها في سوق النخاسة لمن يدفع أكثر من أرباب الفساد … إن ثورة الخامس والعشرين من يناير هي أفضل وأطهر وأنقى حدث مر على الدولة المصرية عبر تاريخها الطويل ، أفضل من السبعة آلاف سنة حجارة التي يتشدق بها المفلسون حضارياً .. أفضل من سد عالي عبد الناصر ،ومن إنفتاح السادات ،ومن كباري مبارك ،ومن خرم السيسي.

الثورة نور لن يطفأه فاسد ،فلتنتظروا موجة ثورية جديدة لن تبقي ولن تذر ،موجة ثورية لن تتراقص على نغمات نانسي عجرم “فتطبطب وتدلع” ،موجة ثورية ستستدعي روح الراحل العظيم روبسبير وتجتث رقاب الفسدة دون رحمة أو شفقة ،فقد تبين للثورة الصديق من العدو ،تبين لها من يستحق أن تمد إليه يداها وتدعمه ومن لا يستحق سوى أن تسحقه تحت قدميها .

إن الثورة وعد من الله لعباده المقهورين في الأرض على أيدي شياطين الإنس … إن الثورة دَينٌ في رقاب الأحرار حتى قيام الساعة لمن قدموا أرواحهم فداء للحرية والكرامة … إن الثورة حلم يداعب قلوب وعقول الأحرار ،كابوساً يؤرق مضاجع الطغاة … إن الثورة تقرباً من الإله … فكن ثائراً

كن ثائراً … فإن الأنبياء جميعهم ثوار 

كن ثائراً … مستمسكاً بعروة الأحرار

فالمجد كل المجد لشهيد ثورة أضحى مع الأبرار  

والعار كل العار لعدوها تعسُ لا يملك من أمره قرار

شخابيط قلم ثائر

الثورة المصرية بين مطرقة تيار “الإسلام الأمريكي” وسندان تيار “الإسلام الخليجي” (1)

لم تكن ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير 2011 وليدة لحظة بل سبقها العديد والعديد من التحركات الشبابية في الشارع وعبر وسائل التواصل الإجتماعي ولعل من الملاحظ أن التحركات المناهضة للحكم العسكري في مصر سواء كانت في الشارع أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي كانت شبه خالية من حركات الإسلام السياسي التي تتخذ ذراعان إحداهما ما يطلق عليه الإسلام الوسطي (الإسلام الأمريكي) ويمثله جماعة الإخوان المسلمين ،والآخر هو الإسلام الوهابي (الإسلام الخليجي) وتمثله الحركة السلفية .

وبالنظر إلى الجماعة الأقدم وهي جماعة الإخوان المسلمين نجد أن الجماعة وخلال ما يقارب الثمانين عام من تأسيسها قد حادت كثيراً عن الطريق الذي رسمه المؤسس الإمام الشهيد/ حسن البنا فلم تخرج الجماعة طوال ستون عام تحت الحكم العسكري لمصر بمظاهرة واحدة ضد الحاكم العسكري للبلاد بداية من عبد الناصر مروراً بالسادات فمبارك وإكتفت الجماعة بمشاركة الأحزاب السياسية التابعة للجنة شئون أحزاب مبارك آنذاك فى معارضة النظام (بالصاد) مقابل ترك العسكر مساحات ضيقة لهم للعمل السياسي والخدمي فى النقابات أو المشاركة الهزلية فى البرلمانات المتعاقبة.

أما على الجانب الآخر كانت الدعوة السلفية الممولة من المملكة السعودية والتي تأسست تحت عباءة أمن الدولة لا تلقي بالاً للسياسة بل وتمتنع عن الحديث فيها وتلقى باللوم في سوء الأوضاع على المواطن المغلوب على أمره تحت دعوى بعده عن الله وتكتفي فقط بإفتاء الناس في نقض الريح لوضوئهم وتحريمهم خروج النساء من المنزل لغير الضرورة وتحريم عمل ودراسة النساء فى إطار نظرتهم الدونية للمرأة ورؤيتهم لها على أنها مجرد معمل تفريخ لذكور كل ما هو مطلوب منهم في الحياة من النظرة الوهابية ترك اللحى وتقصير الثياب وحفظ مجموعة من الكتب التي يسطرها مشايخ الدعوة من كبار السن وكان المقابل غض الطرف عن الأموال المرسلة إليهم من المملكة ومن بعض الدول الخليجية الأخرى.

وبين هؤلاء وأولئك وقعت الثورة المصرية في أكبر فخ تم نصبه لها فالفصيل الوسطي (المتأمرك) إتخذ كعادته الموقف المتميع منذ اليوم الأول للثورة  (الخامس والعشرين من يناير) وكانت تعليمات مكتب الإرشاد ترك الحرية للأعضاء بالمشاركة “كموقف معلن” ،فيما كان الموقف في الخفاء مخالف لذلك تماماً إذ كان الموقف هو ترك الحرية لمسئولي الشعب بالمشاركة من عدمه فقرر مسئولي بعض الشعب ترك حرية الإختيار لأبناء الشعبة في المشاركة من عدمه فيما حذر مسئولي بعض الشعب الأخرى أبناء شعبتهم من المشاركة في هذا اليوم بل وإتخذ بعضهم قراراً بعدم المشاركة وقاموا بتحذير من إتخذ قراراً مسبقاً بالمشاركة ،إلى أن بدأت الصورة في الإتضاح أكثر فأكثر وبدا للجميع أن الثورة باتت تسلك طريقها للنجاح فشاركت الجماعة بكامل قوتها وخلال أحداث الثورة كان للجماعة “كونها جماعة إصلاحية لا تعترف بالثورات كإسلوب في التغيير” اليد العليا فى إدخال بعض الممارسات الغريبة على الثورة بداية من الهتاف للجيش “الجيش والشعب إيد واحدة” الذي ما نزل إلى الشوارع والميادين إلا لحماية دولة العسكر من الإنهيار وإعادة ترميم جنباته التي بدأت في التصدع مروراً ببناء منصات خاصة بهم تحمل شعارات الجماعة والتحول من قيادة الجماهير بالهتافات الحماسية إلى قيادة الجماهير ببعض الأغاني التي يطلق عليها زورً الأغاني الوطنية وبدلاً من إستخدام الحناجر فى الهتاف أصبح إستخدام الأيدي فى التصفيق على إيقاعات الأغاني ،فيما كان على الجانب الآخر تنطلق فتاوى رموز الدعوة السلفية يميناً ويساراً نحو هدف واحد وهو دعوة الشباب لعدم المشاركة في الثورة على إعتبار أنها فتنة وأنه لا يجوز الخروج عن الحاكم (وإن إغتصبك) وكانت منابر الدعوة السلفية يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 تتبنى هذه الأفكار في توجيه الناس نحو الكفر بالثورة والرضا والإستمتاع بالإغتصاب المقنن للبلاد على يد العسكر ،وما إن تم خلع مبارك حتى بدأ التسويق الإعلامي لمشايخ الدعوة السلفية بإيعاز من أمن الدولة وهرعوا إلى تأسيس حزب سياسي سمى بحزب النور على الرغم من أن أدبياتهم المعلنة على مدار سنوات وسنوات قبل الثورة كانت البعد عن السياسة وعدم المشاركة فيها ولو بإبداء الرأي.

 

يتبع …….

قناة السويس بين السيادة المصرية والتبعية الغربية (5)

بعد أن تناولنا في المقالات السابقة المعاهدات التي تمنع مصر من المشاركة في العداون على أي دولة عربية من خلال السماح للسفن الحربية المعتدية عبر قناة السويس إلتزاماً بإتفاقية الدفاع العربي المشترك وعدم جدوى الإرتكان إلى معاهدة القسطنطينية للظروف التي سبق وأن حللناها نتناول في هذا المقال مدى مشروعية المشاركة في العداون على أي دولة عربية كانت أم أجنبية سواء كانت هذه المشاركة عن طريق مباشر أو عن طريق تسهيل العدوان بشكل غير مباشر كتيسير حركة السفن الحربية عبر القناة .

بداية نلقي الضوء حول محاولات عصبة الأمم تجنيب العالم ويلات الحروب والكوارث التى شهدها قبل إنشائها وبالتالى كان من الطبيعى فرض القيود على شن الحروب وصولاً إلى تحقيق السلام للبشرية. وقد ميز العهد بين نوعين من الحروب، الحروب المشروعة والحروب العدوانية غير المشروعة.

والحروب المشروعة بمقتضى عهد عصبة الأمم كانت فى الحالات الآتية :

1-  لجوء الدولة إلى الحرب بغية فض نزاع دولى تكون طرفاً فيه بعد عرض هذا النزاع على التحكيم أو القضاء أو مجلس العصبة أو مرور ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار الهيئة التحكيمية أو حكم القضاء أو تقرير مجلس العصبة بشرط أن يكون الطرف الأخير للنزاع قد رفض الانصياع لقرار هيئة التحكيم أو الحكم القضائى أو لتقرير  مجلس العصبة.

2-  لجوء الدولة إلى الحرب بغية حسم نزاع دولى تكون طرفاً فيه متى قبلت عرض الأمر على مجلس العصبة، وذلك كلما عجز ذلك الأخير عن اتخاذ قراره فى هذا الشأن بإجماع الآراء، بشرط أن تلتزم الدول فى هذه الحالة بعدم اللجوء إلى الحرب قبل مضى ثلاث أشهر من صدور قرار الأغلبية.

3-  لجوء الدولة إلى الحرب  بغية حسم نزاع تكون طرفاً فيه متى تعلق ذلك النزاع بمسألة تندرج فى صميم السلطات الداخلى لتلك الدولة، وقد استغلت الدول الاستعمارية هذا النص من أجل قمع حركات التحرر الوطنية داخل مستعمراتها حيث كانت تتمسك بقيد السلطات الداخلى بغية تبرير عدم اختصاص العصبة بنظر تلك المنازعات.

4-  حالة الحرب الدفاعية وهو ما يستنتج بمفهوم المخالفة من نص المادة العاشرة من العهد والخاصة بحظر العدوان، ذلك أن الحرب الدفاعية ترتبط بالحق الطبيعى للدول فى استخدام القوة المسلحة بغية رد كل عدوان قد تقع ضحية له.

5-  لجوء الدول إلى أعمال الانتقام العسكرى التى لم يلحقها الخطر الصريح بمقتضى عهد عصبة الأمم.

أما الحروب غير المشروعة :يذهب العهد إلى أنها تلك التى يتم اللجوء إليها قبل استنفاذ وسائل التسوية السلمية للمنازعات الدولية وقد تم تحديدها فى ثلاث حالات :

1-  التجاء الدولة إلى الحرب بغية حسم أى نزاع دولى قد تكون طرفاً فيه قبل عرض ذلك النزاع على التحكيم أو القضاء أو مجلس العصبة.

2-  لجوء الدولة إلى الحرب بعض عرض النزاع للفصل فيه بإحدى هذه الطرق ولكن قبل مضى ثلاثة أشهر من تاريخ صدور التحكيم أو الحكم القضائى أو تعزيز مجلس العصبة الذى يصدر بالإجماع.

3-  لجوء الدول للحرب بغية حسم أى نزاع دولى تكون هي أحد أطرافه كلما قبل الطرف الآخر للنزاع قرار التحكيم أو الحكم القضائى أو التزام بقرار المجلس الصادر بالإجماع ولو بعد مضى ميعاد الثلاث أشهر المتقدم.

وقد اشتمل عهد العصبة فى مادته رقم “10” على مصطلح العدوان لأول مرة ويرى البعض أن نص المادة يضع معياراً موضوعياً للعدوان وهو أن كل ما من شأنه المساس بالسلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسى للدول الأعضاء يعتبر عملاً غير مشروع يستوجب تدخل مجلس العصبة لمنع وقوع العدوان أو لردعه فى حالة وقوعه، وجاء النص على النحو التالى “يتعهد أعضاء العصبة باحترام أقاليم جميع أعضاء العصبة واستقلالها السياسى القائم والمحافظة عليها ضد أى عدوان خارجى وفى حالة وقوع عدوان من هذا النوع يشير المجلس بالوسائل التى يتم بها تنفيذ هذا الالتزام”.

والملاحظ فى ذلك أن مفهوم الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة لم يكن بالقدر الكافى لمنع نشوب الحرب لأنه من ناحية لم يربط مفهوم العدوان (الحرب غير المشروعة) بمفهوم المساس أو تعديل الأوضاع الإقليمية لأن معنى هذا المساس أو التعديل كان مباحاً حتى بواسطة استخدام القوة “اللجوء للحرب” وذلك بعد اتباع الإجراءات المشار إليها فى المواد من 12 حتى 15 من العهد.

ومن ناحية ثانية هشاشة الفروق بين الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة استناداً إلى الإجراءات السابق بيانها لاسيما أن العهد ألزم الدول الأعضاء باتخاذ تدابير جزائية وفرض عقوبات على الدول التى تلجأ إلى شن الحروب العدوانية فى الوقت الذى أعطى فيه كل دولة مطلق الحرية لتقدير ما إذا كان ما تم ارتكابه يعد عدوان أم لا ولذلك كان من الطبيعى أن تختلف الدول وتصدر قرارات متباينة بصدد الفعل الواحد وذلك تبعاً لما تقتضيه ظروفها السياسية لذلك فإن التطبيق العملى لنصوص عهد عصبة الأمم لم يكن كافياً لحظر العدوان وتحريمه ولم تكن المحاولات التالية كافية لمواجهة الحرب والعدوان مثل مشروع المساعدة المتبادلة وبروتوكول جنيف وميثاق باريس وانتهت كل هذه الجهود بالفشل وقامت الحرب العالمية الثانية .

نشبت الحرب العالمية الثانية شهدت البشرية أهوالاً ومصائب وراح ضحيتها ملايين البشر والضحايا ما بين قتيل وجريح ومعاق وأسير فضلاً عن الخسائر المادية الجسيمة التى أنفقت على الحرب ولعل الفائدة الوحيدة هى محاولة إنشاء تنظيم دولى جديد يكون أكثر قوة ويحل محل عصبة الأمم التى انتهت فعلياً بقيام الحرب العالمية الثانية.

وقد حاول واضعوا ميثاق الأمم المتحدة تلافى عيوب التنظيم السابق وعورات عهده لذلك كان أهم أهداف الميثاق والتنظيم الجديد هو وضع الضوابط الكفيلة بالقضاء تماماً على مبدأ استخدام القوة وبالتالى حظر العدوان ومنعه نهائياً على أمل أن تنعم البشرية بالسلام والأمن [وقد كانت أول إشارة إلى هذا المبدأ العام وإلى نظام دائم للسلام فى – تصريح الأطلسى – الذى أصدره الرئيس الأمريكى روزفيلت ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل فى 14/8/1941] الذى انضمت إليه فيما بعد – 47 دولة – جاء فيه (يتعين على شعوب العالم جميعاً أن تنبذ لأسباب روحية وواقعية استخدام القوة بشكل نهائى).

–  ثم وردت أول إشارة إلى اسم الأمم المتحدة فى تصريح الأمم المتحدة الصادر فى أول يناير 1942 والذى أعلن فيه ممثلو ست وعشرين دولة فى واشنطن نصاً مشتركاً أكدوا فيه إيمانهم بالمبادئ التى قررها تصريح الأطلسى.

–  فى 20/10/1943 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتى والصين –تصريح موسكو- والذى طالبت فيه بضرورة التعجيل بإنشاء هيئة عالمية تقوم على أساس المساواة فى السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام.

–       ثم بدأت مباحثات دومبارتون أوكس فى واشنطن عام 1944 بدقة مشروع إنشاء الهيئة الدولية الجديدة.

–  وفى 25/2/1945 اجتمع روزفيلت وتشرشل وستالين فى مؤتمر يالتا بالاتحاد السوفيتى لبحث أهم الثغرات التى كانت قائمة فى اقتراحات دومبارتون أوكس.

–  ثم وجهت الدعوة لحضور مؤتمر سان فرانسيسكو فى 25/4/1945 وقد ضم هذا المؤتمر خمسين دولة واستمرت اجتماعاته حتى 26 يونيو 1945، حيث تم التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة (الذى دخل دور التنفيذ فى 24/10/1945) وقد جاء الميثاق متضمناً مبدأ حذر استخدام القوة فى العلاقات الدولية وهو المبدأ الذى يستهدف أساساً منع العداوات والحيلولة دون وقوعها أو ارتكابها تحت أى مسمى، ويلاحظ ذلك فى مقدمة الميثاق التى جاء بها : “نحن شعوب الأمم المتحدة قد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب التى جرت مرتين فى حياتنا وجلبت على الإنسانية أحزاناً يعجز عنها الوصف ….. نؤكد مجدداً .. اعتزامنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معاً فى سلام وحسن جوار وأن نوحد قوانا من أجل صون السلام والأمن الدوليين وأن نضمن قبولنا  للمبادئ والأساليب اللازمة لها بعدم استخدام القوة فى غير الصالح العام..).

وتمت الإشارة لهذا المبدأ بصورة قاطعة وجازمة فى المادة – 2/4 – من الميثاق والتى تنص على : “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى لأية دولة أو على أى وجه آخر لا يتفق وممارسات الأمم المتحدة”.

وهكذا جاءت باقى نصوص الميثاق واعتبرت خطوة أساسية وتقدمية فى سبيل الحد من الحروب حيث أن الميثاق لم يفرق بين الحروب العدوانية وغير العدوانية فحرمها جميعاً فكل حرب فى حكمه محظورة سواءً كانت حرب اعتداء تستهدف الحصول على مزايا ومنافع أو كانت وسيلة لحسم نزاع لم يستطع أطرافه التوصل إلى تسويته بالطرق السلمية. وتتميز صياغة المادة 2/4 بأن الحظر لم ينصرف فقط إلى استخدام القوة وإنما يمتد ليشمل – مجرد التهديد باستخدامها – كقيام دولة بحشد قواتها ووضعها دون مبرر على حدود دولة أخرى بغية إجبار هذه الدولة على تنفيذ مطلب معين.

كما أن المادة تجاوزت الثغرة التقليدية الخاصة بعدم تطابق مفهومى حظر اللجوء إلى الحرب – الحرب – واللجوء إلى – القوة – وهو مصطلح هنا يتجاوز حالة الحرب بمعناها الفنى الدقيق مثل اعلان الحرب كما كان يشترط القانون الدولى التقليدى.

كما تميز الميثاق بأن حظر استخدام القوة يشمل الأعضاء وغير الأعضاء وذلك حتى لا يسمح للدول غير الأعضاء بالتهرب من تنفيذ أحكام الميثاق وإطلاق يدها فى استخدام القوة.

ويحسب كذلك للميثاق أنه أدرك أن مواجهة العدوان لا تبدأ بمجرد اقتراف هذا الفعل وإنما تسبق وقوعه بهدف الحيلولة دون ارتكابه.

وهو ما يعنى أن على المجتمع الدولى واجب مواجهة الحرب وجريمة العدوان طالما كانت خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

لأن الأمم المتحدة دأبت منذ مولدها حتى اليوم على ضرورة منع استخدام القوة أو التهديد بها وسايرتها فى ذلك المنظمات الإقليمية، الأمر الذى سار معه تحريم استخدام القوة مبدأ من مبادئ القانون الدولى، فميثاق الأمم المتحدة هو قانون الجماعة الدولية واستناداً إلى هذا الميثاق فإن الخروج عليه هو خروج على الجماعة الدولية مما يوجب مواجهته.

الأمر الذى يجعل من قيام مصر بعدم التصريح ومنع مرور السفن الحربية الصهيونية واجباً والتزاماً دولياً طالما أنه لم يصدر بهذه الحرب قراراً من مجلس الأمن والأمم المتحدة مما يُعد سماح مصر بمرور تلك القطع الحربية خطاً واضح وصريح  فى تطبيق الالتزامات والإتفاقات العربية والدولية ومشاركة في العداون على الشعب الفلسطيني الشقيق كما كان من السماح من قبل للقطع الحربية الأمريكية والصينية بعد ذلك مشاركة في العداون على الشعبين العراقي والسوري الشقيقين.

 

المراجع

* الوسيط الغنيمى – قانون السلام – منشأة المعارف.

* قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة – د. مصطفى الحفناوى – دار النهضة العربية .

* مبادئ القانون الدولى العام – د. سعيد جويلى.

* القانون الدولى العام – د. صلاح الدين عامر – الطبعة الثانية – دار النهضة العربية.

* كل المقتطفات بشأن التطور الذى شهده القانون الدولى بشأن مواجهة جريمة العدوان من رسالة دكتوراه بعنوان “جريمة العدوان ومدى المسئولية القانونية الدولية عنها” إبراهيم زهير – كلية الحقوق – جامعة عين شمس – 2002.