أرشيفات الوسوم: الوهابية

الثورة المصرية بين مطرقة تيار “الإسلام الأمريكي” وسندان تيار “الإسلام الخليجي” (1)

لم تكن ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير 2011 وليدة لحظة بل سبقها العديد والعديد من التحركات الشبابية في الشارع وعبر وسائل التواصل الإجتماعي ولعل من الملاحظ أن التحركات المناهضة للحكم العسكري في مصر سواء كانت في الشارع أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي كانت شبه خالية من حركات الإسلام السياسي التي تتخذ ذراعان إحداهما ما يطلق عليه الإسلام الوسطي (الإسلام الأمريكي) ويمثله جماعة الإخوان المسلمين ،والآخر هو الإسلام الوهابي (الإسلام الخليجي) وتمثله الحركة السلفية .

وبالنظر إلى الجماعة الأقدم وهي جماعة الإخوان المسلمين نجد أن الجماعة وخلال ما يقارب الثمانين عام من تأسيسها قد حادت كثيراً عن الطريق الذي رسمه المؤسس الإمام الشهيد/ حسن البنا فلم تخرج الجماعة طوال ستون عام تحت الحكم العسكري لمصر بمظاهرة واحدة ضد الحاكم العسكري للبلاد بداية من عبد الناصر مروراً بالسادات فمبارك وإكتفت الجماعة بمشاركة الأحزاب السياسية التابعة للجنة شئون أحزاب مبارك آنذاك فى معارضة النظام (بالصاد) مقابل ترك العسكر مساحات ضيقة لهم للعمل السياسي والخدمي فى النقابات أو المشاركة الهزلية فى البرلمانات المتعاقبة.

أما على الجانب الآخر كانت الدعوة السلفية الممولة من المملكة السعودية والتي تأسست تحت عباءة أمن الدولة لا تلقي بالاً للسياسة بل وتمتنع عن الحديث فيها وتلقى باللوم في سوء الأوضاع على المواطن المغلوب على أمره تحت دعوى بعده عن الله وتكتفي فقط بإفتاء الناس في نقض الريح لوضوئهم وتحريمهم خروج النساء من المنزل لغير الضرورة وتحريم عمل ودراسة النساء فى إطار نظرتهم الدونية للمرأة ورؤيتهم لها على أنها مجرد معمل تفريخ لذكور كل ما هو مطلوب منهم في الحياة من النظرة الوهابية ترك اللحى وتقصير الثياب وحفظ مجموعة من الكتب التي يسطرها مشايخ الدعوة من كبار السن وكان المقابل غض الطرف عن الأموال المرسلة إليهم من المملكة ومن بعض الدول الخليجية الأخرى.

وبين هؤلاء وأولئك وقعت الثورة المصرية في أكبر فخ تم نصبه لها فالفصيل الوسطي (المتأمرك) إتخذ كعادته الموقف المتميع منذ اليوم الأول للثورة  (الخامس والعشرين من يناير) وكانت تعليمات مكتب الإرشاد ترك الحرية للأعضاء بالمشاركة “كموقف معلن” ،فيما كان الموقف في الخفاء مخالف لذلك تماماً إذ كان الموقف هو ترك الحرية لمسئولي الشعب بالمشاركة من عدمه فقرر مسئولي بعض الشعب ترك حرية الإختيار لأبناء الشعبة في المشاركة من عدمه فيما حذر مسئولي بعض الشعب الأخرى أبناء شعبتهم من المشاركة في هذا اليوم بل وإتخذ بعضهم قراراً بعدم المشاركة وقاموا بتحذير من إتخذ قراراً مسبقاً بالمشاركة ،إلى أن بدأت الصورة في الإتضاح أكثر فأكثر وبدا للجميع أن الثورة باتت تسلك طريقها للنجاح فشاركت الجماعة بكامل قوتها وخلال أحداث الثورة كان للجماعة “كونها جماعة إصلاحية لا تعترف بالثورات كإسلوب في التغيير” اليد العليا فى إدخال بعض الممارسات الغريبة على الثورة بداية من الهتاف للجيش “الجيش والشعب إيد واحدة” الذي ما نزل إلى الشوارع والميادين إلا لحماية دولة العسكر من الإنهيار وإعادة ترميم جنباته التي بدأت في التصدع مروراً ببناء منصات خاصة بهم تحمل شعارات الجماعة والتحول من قيادة الجماهير بالهتافات الحماسية إلى قيادة الجماهير ببعض الأغاني التي يطلق عليها زورً الأغاني الوطنية وبدلاً من إستخدام الحناجر فى الهتاف أصبح إستخدام الأيدي فى التصفيق على إيقاعات الأغاني ،فيما كان على الجانب الآخر تنطلق فتاوى رموز الدعوة السلفية يميناً ويساراً نحو هدف واحد وهو دعوة الشباب لعدم المشاركة في الثورة على إعتبار أنها فتنة وأنه لا يجوز الخروج عن الحاكم (وإن إغتصبك) وكانت منابر الدعوة السلفية يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 تتبنى هذه الأفكار في توجيه الناس نحو الكفر بالثورة والرضا والإستمتاع بالإغتصاب المقنن للبلاد على يد العسكر ،وما إن تم خلع مبارك حتى بدأ التسويق الإعلامي لمشايخ الدعوة السلفية بإيعاز من أمن الدولة وهرعوا إلى تأسيس حزب سياسي سمى بحزب النور على الرغم من أن أدبياتهم المعلنة على مدار سنوات وسنوات قبل الثورة كانت البعد عن السياسة وعدم المشاركة فيها ولو بإبداء الرأي.

 

يتبع …….