رب كوب شاي يعكس الذوق العام للمجتمع

ثماني سنوات كاملة مرت على زيارتي الخاطفة للجماهيرية الليبية العربية الشعبية الإشتراكية “سابقاً” دولة ليبيا “حالياً” والتي يعبر كثيراً إسمها الأول عن العقلية الفذة التي كانت تحكمها قبيل ثورة 17 فبراير المباركة.

لاتزال تلك الزيارة عالقة كثيراً في ذهني ولم أنس بعد الجلسات العديدة سواء التي جمعتني بالأخوة الأشقاء الليبيين أو التي جمعتني بالأخوة الأشقاء “المصريين” العاملين في ليبيا.
ربما أختص بالذكر لقاءاتي مع الإخوة الليبيين والتي إمتلئت بدفء الأخوة التي لم يعكر صفوها تشاحن الحكومات المدينة بالولاء للنظام العالمي الحاكم لكل “زنجة زنجة” على كوكب الأرض غير أن هناك ثمة إكتشافاً علمياً تسنى لي إكتشافه من خلال تلك اللقاءات فما بين “شوب” الشاي في مصر أو ما يطلق عليه بلغة القهوة (شاي في الأمريكاني) وبين “طاسة” الشاي في ليبيا معادلة رياضية لا يمكن غض الطرف عنها ألا وهي العلاقة الطردية بين حجم كوب الشاي وطعمه ،فكلما صغر حجم كوب الشاي إزدادت لذة طعمه وهو ما نصطدم بعكسه تماماً في مصر إذ يزداد حجم كوب الشاي أضعافاً مضاعفة عن نظيره في ليبيا كما يزداد طعمه سوء بعد سوء.
وعلى الرغم من سوء طعم الشاي في مصر مقارنة بليبيا إلا أن الشاي يصنف هنا كمكيفات
ولا أقصد هنا شاي “أبو الأصول” لصاحبه “البهز بيه” صاحب الكلمات المأثورة في فيلم الكيف “أنا عيشت حياتي كلها تاجر كيوف ابتديتها بالشاي والبن والدخان ،زمان كنت بغش الشاي بنشارة خشب وأبيعه في بواكي شكلها حلو مكتوب عليها شاي أبو الأصول كسبت والماركة بقى لها إسم وسمعت ،وفجأة النشارة غليت والتجار إتملعنوا عبينا الشاي من غير نشارة تعرف حصل إيه إتخرب بيتي وفلست”
وكأن الذوق العام للمواطن المصري قد أصابه العطب جراء إنهاكه لمدة تجاوزت الإثنين وستين عاماً فكوب الشاي ليس بالحالة الخاصة فإذا أمعننا النظر وجدناه إنعكاساً للحالة العامة للمواطن الذي أصبح يميل إلى الغث وينفر من الثمين فطعامه مسرطن وفاكهته تروى بمياه الصرف الصحي وماء شربه ملوث بنفايات المصانع وأخيراً بالفوسفات والبترول وبعيداً عن طعامه وشرابه فأذنيه صارت تطرب لمجموعة من الأصوات الشاذة والموسيقى المزعجة وجسده مجرد مانيكان لعرض بواقي الأقمشة المهترأة المجمعة من بقايا ومخلفات الشعوب الأخرى أما صوته في الإنتخابات فدائماً هو لأكثر المخادعين وثقته دائماً ما يمنحها لمن يتاجر به ويغتصب أحلامه ليل نهار وأمانه طواعية يتركه رهينة لمن يعتدي عليه من بعض مرتزقة النظام العالمي المتخفيين في زي الوطنية.

 

 

رب كوب شاي يعكس الذوق العام للمجتمع

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *