الأزمة المصرية .. المشكلة والحل

عامان مرا على قيام الجيش بالسيطرة على حكم البلاد بعد عزل الدكتور محمد مرسي من منصبه كرئيس للجمهورية ،عامان سفكت خلالهما الدماء بلا حساب وفتحت خلالهما المعتقلات لتبتلع بين أقبيتها كل من عارض نظام حكم أقيم على فوهات المدافع ورصاصات الغدر والخسة ،وعلى الرغم من هذا كله إلا أن مظاهرات مؤيدي مرسي لم تتوقف بعد وإن قلت أعدادها عما كانت عليه في بدايتها.

ولكن ماذا بعد !! سؤال يطرحه الجميع على الجميع دون إنتظاراً لإجابة ،فطرفي المعادلة أنفسهم لا يمتلكان الجواب ،فقيادة الإخوان لجأت إلى الدفع بقوة خلف إستمرار التظاهر في الشوارع كحل وحيد للمحافظة على التنظيم وقد نجحت في ذلك بدرجة كبيرة إذ إستطاعت إعادة لقاءات الأسر واللجان للعمل من جديد والمحافظة على تماسك هيكل الجماعة بعد أن صدرت لقواعدها أن حراكهم في الشارع ما هو إلا درب من دروب إستكمال الثورة “التي إنفضوا من حولها مبكراً بل واتخذوا المواقف العدائية من شبابها وقت تقربهم من المجلس العسكري الحاكم آنذاك !!!!”

وعلى الطرف الآخر نجد أن قيادة الجيش قد لجأت هي الأخرى إلى قمع التظاهرات المعارضة بجميع أشكالها وإنتمائاتها تحت دعاوى “الإرهاب” الذي إتخذ كذريعة لتكميم الأفواه المعارضة ،والهدف تثبيت أركان الدولة العسكرية في حلتها الجديدة وإعادة بسط سيطرتها البوليسية مرة أخرى دون وضع أدنى إعتبار لدماء تسيل أو أعراض تنتهك أو حريات يتم التضييق عليها وهذا ما نجح قادة الجيش بشكل كبير أيضاً في تحقيقه فإستقر “الإنقلاب” على الرغم من تصريحات بعض قادة وأعضاء الجماعة أنه “يترنح”.

وبعد مرور أربعة أعوام على قيام ثورة يناير المجيدة أصبحت الصورة أكثر ضبابية وسط صراع تيارين أحدهما كان مع الثورة وتركها مبكراً بحثاُ عن الغنائم التي لم يهنأ بها كثيراً فعاد مرة أخرى لمحاولة إستدعاء روح الثورة “بالقول والتمني” متغافلاً عن أن الثورة هي ما وقر في القلب وصدقه العمل ،وأصبحت مظاهراته مجرد روتين يومي يقوم به أعضاء الجماعة بعد أن أدمنوا السير وفق إستراتيجية “على حسب الريح ما يودي .. أنا ماشي ولا بيدي” ،فيما كان التيار الثاني هو من قامت ضده الثورة في الأساس إلا أنه نجح في قيادة الثورة المضادة والعودة سريعاً إلى الحكم منتقماً ممن ثاروا عليه ولو بشق كلمة ،متورطاً في القتل والتنكيل بكل معارضيه دون هوادة متيقناً أن في إتحاد شركاء الثورة من جديد النهاية الحتمية والأبدية لأركان حكمه ما دفعه للمضي قدماً في سيره وفق إستراتيجية “إنك لميت وإنهم لميتون”.

وبين هذا وذاك وطن تتناثر أشلاؤه أشلاء ، وطن أصبح يعيش وحيداً في المؤخرة بين الأوطان ،فمن ذا الذي يعقد الآمال في النهوض والتقدم مستقبلياً على يد نظام فشل في حكمه للبلاد على مدار ثلاثة وستون عاماً كاملة !!!! من هذا الذي يمني نفسه بتقدم إقتصادي وإجتماعي على يد نظام أرسى قواعد الفساد من محسوبية ورشوة وإنهيار قيمي ممنهج !!!!

لقد غلقت كل الأبواب ولم يعد هناك إلا باباً واحداً تتجمع خلفه الآمال والأحلام ،فلا بديل عن قيادة تيار ثالث للمشهد ،تياراً يؤمن بالثورة ومبادئها قولاً وفعلاً ،ينادي بضرورة كسر التبعية للغرب جهاراً نهاراً ،يسبح في مداره الخاص بعيداً عن الدوران في فلك النظام العالمي ،يسعى إلى إستقلال القرار وتوحيد الأمة ،يؤذن بالعدل والحق بلا محاباة أو تفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

 

 

الأزمة المصرية .. المشكلة والحل

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *