جتكوا نيلة

منذ أن بدأت إجراءات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وأنصار الشرعية “كما يطلق عليهم” يطالبون بإعطاءه الفرصة بالتحدث من خلف قفصه الزجاجي ربما حنيناً من بعضهم لخطبه الماراثونية التي إنقطعت عنهم منذ أن تم عزله وربما إعتقاداً من البعض الآخر بأن لدى مرسي الكثير والكثير من الأسرار التي ستقلب الطاولة على النظام العسكري الحاكم في صورة جنرال القوات المسلحة عبد الفتاح السيسي.

غير أن الرياح قد أتت بما لا تشتهي السفن فالرجل الذي آثر السكوت والتكتم على الكثير من القضايا دهراً حينما أتيحيت له فرصة التحدث نطق كفراً ،وكانت شهادته بمثابة منطوق حكم الإعدام الثوري عليه كأحد خائني  الثورة المشاركين في إراقة دماء الثوار بحمايته للقتلة وتقليدهم المناصب والأوسمة رفيعة المستوى ،مما يفتح باب التساؤلات عن سبب حمايته لهم سواءً بحفظ تقرير لجنة تقصي الحقائق في أدراج نائبه العام أو إحتفاظه بوزير دفاعه المتهم بالقتل في منصبه لمدة قاربت الستة أشهر كاملة !!!!

وإذا أمعنا النظر في هذه التساؤلات فلن نجد لها إجابة منطقية قد تخرج عن جوابين إثنين فإما أن العلاقة المحرمة التي جمعت بين الإخوان والعسكر إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى وصول مرسي لسدة الحكم خلفت وراءها العديد من الوثائق والمستندات التي أمسكها العسكر على الإخوان مما جعل مرسي مقيد الحركة وغير قادر على إتخاذ قرار الإطاحة بالسيسي أو محاسبته ،وإما أن قادة الإخوان ومرسي فرحوا لإمساكهم بهذا المستند الذي يدين أكبر قادة القوات المسلحة مما يضعف من موقفه أمام الجماعة فيضمنوا بذلك ولاء الجيش للجماعة وتستطيع الجماعة بإستخدام القوات المسلحة في تثبيت أركان حكمها.

وسواء كانت الإجابة الأولى أو الثانية فإن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن مرسي أصبح وبشهادته شريكاً في الدماء التي أريقت ولو بغض الطرف عن مريقيها وحمايتهم ،وهذه الحقيقة كانت كاشفة للكثير من الوجوه من خلال متابعة ردود أفعالهم فبالنظر لطرفي الصراع الصفري نجد أن قواعد الجماعة التي ظلت تبرر مراراً وتكراراً لقياداتها في السابق بدت أخيراً وكأنها قد أصيبت بمرض التبرير اللا إرادي وكأنهم قد تحولوا عبر ليلة وضحاها من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى أشباح جماعة إحنا آسفين يا ريس ،فيما كانت ردود أفعال مريدي الدولة العسكربوليسية وأعداء ثورة يناير ومؤيدي المخلوع وكأنهم قد حملوا شعلة الثورة وأوشكوا أن يهتفوا يسقط كل من خان ،في مشهد دراماتيكي يستدعي خروج الفنانة الراحلة ماري منيب من قبرها لتقول للمطالبين بعودة مرسي لكرسي الحكم ولو لسويعات قليلة أو للمطالبين ببقاء العسكر في سدة الحكم بطريقة مباشرة كما كان فى عهد عبد الناصر والسادات ومبارك وطنطاوي وأخيراً السيسي أو بطريقة غير مباشرة كما كان في عهد مرسي “جتكوا نيلة”

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *