الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر

لم تكن مثل باقي البنات التي تكتظ بهم قاعة العرس الذي لبى دعوة حضوره في اللحظات الأخيرة ،إجتذبت عيناه من دون سابق إنذار وأخذ يتتبع خطاها من دون أن تلحظ نظراته ،كانت رائعة في فستانها الأخضر هكذا كان يقول على الرغم من أنه لا يذوب عشقاً في هذا اللون إلا أن إرتادئها له جعل منه لوناً محبباً إلى قلبه ،سهر الليالي حالماً في صورتها التي حفرها في خياله وعلى الرغم من هذا لم يسعى إطلاقاً لمصارحتها بما يجول في خاطره من ناحيتها وظل محتفظاً بتلك المشاعر الجياشة في أعماق أعماق قلبه .

كانت الأيام تمر تلو الأيام ويلتحق بها الشهور بل والسنوات ولم تمحى صورتها من ذاكرته ولا إحساسه الدائم بها ،رؤيتها بالمصادفة لثوانٍ معدودات كان الحلم الذي يراوده يومياً دافعاً إياه لوضع الخطط التي تمكنه من تحقيق هذا الحلم الجليل الذي طالما حلم به ،كان يراها وهي تكبر أمام عينيه ولكنه ظل صامتاً كان كمن يقف في حضرة الآلهة يتمنى ويناجي ولكنه لا يستطيع أن يجهر بقوله إعتقاداً منه أن الصمت في حضرة المعبود عبادة ،إلا أنه لم يدرك أن الصمت أحياناً كثيرة قد يكون كالسكين الذي تنتزع بها الروح من الجسد فيصير كجزوع النخل الخاوية .. اليابسة .. البائسة

لم يدري أنه ليس الوحيد الذي يسعى لإمتلاك قلبها ولكن سعيه لم يخرج لحيز التنفيذ بعد وظل حبيس روحه المتيم بها حتى كانت الفاجعة الأليمة والتي كانت كالطعنة التي تلقاها على غرة .. لقد سلمت لأول من طرق بابها ،وما الذنب بذنبها ،وكيف يكون بذنبها وهو من لم يسعى يوماً لجذب إنتباهها ؟؟ كيف يكون ذنبها وهو من إنتظر منها أن تعلم بغيب ما يدور بقلبه ؟؟ كيف يكون ذنبها وهو الأبكم الذي لم يحاول التحدث معها ولو بلغة البكم فلربما حينها ذهبت لتعلمها لفهم ما يحاول قوله وما هو بقائله !!!

والآن ها هو شارد الذهن مهموماً ،يمني الأماني بأن تلعب الأقدار أدوراها وتغلق باباً قد فتحته لأول طارق. ولكن هل لعب الأقدار وحده يكفي ؟؟ وهل سيأخذ دور المبادر إذا عادت موصدة أبوابها !! أم أنه سيظل صامتاً مستسلماً لصوت العقل ،هل ستكبر أحلامه أم سيظل جل حلمه أن يلتقيها مصادفة ويسترق بعض النظرات إليها !! هل سيطلق صرخات ظلت حبيسة أعماق قلبه أم سيعيد الكرة مرة أخرى مفضلاً الصمت في حرم صاحبة الفستان الأخضر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *